للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإليه مال العلامة ابن القيم في (هداية الحيارى من اليهود والنصارى) .

ثم قال بعد كلام طويل في هذه الآيات: والمقصود ان هؤلاء -أَي الموصوفين بهذه الصفات الذين عرفوا أَنه رسول الله بالنعت الذي عندهم فلم يملكوا أَعينهم من البكاء وقلوبهم من المبادرة إلى الإيمان.

وقال ابن كثير في تفسيره: وهذا الصنف من النصارى أَي الذين أَثنى الله عليهم في هذه الآيات - هم المذكورون في قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلاً) الآية (١) وهم الذين قال الله فيهم (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ - وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) إلى قوله: (لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (٢) ولهذا قال تعالى هنا: (فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَار) ُ أَي فجازاهم على إيمانهم وتصديقهم واعترافهم بالحق جنات تجري من تحتها الأَنهار (خَالِدِينَ فِيهَا) أي ماكثين فيها أبدًا لا يحولون ولا يزولون (وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ) (٣) أَي في اتباعهم الحق وانقيادهم له حيث كان وأَيًا كان، ومع من كان. اهـ.

وممن صرح بأَن هذه الآيات لم يرد بها جميع النصارى الإمام البغوي في معالم التنزيل قال في قوله تعالى: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى) : لم يرد به جميع النصارى لأَنهم في عداوتهم المسلمين كاليهود في قتلهم المسلمين وأَسرهم وتخريبهم بلاده وهدم مساجدهم وإحراق مصاحفهم لا


(١) سورة آل عمران ١٩٩.
(٢) سورة القصص ٥٥.
(٣) سورة المائدة ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>