إذا عرف هذا فالاحتفال بالمولد بدعة محدث مردود على فاعله، وهو يختلف بحسب على فاعله، وهو يختلف بحسب ما يعمل فيه من البدع والمحرمات، فإن خلا من المحرمات عموماً واقتصر فيه على عمل الدعوة من طعام وشراب وطيب ولم يحضره مردان ولا اختلط الرجال بالنسوان واعتقد فاعله أن هذامن الدين الذي يتقرب به إلى رب العالمين فهذا بدعة محدث مردود على فاعله.
وإن انضم إلى ذلك مايفعله كثير ممن يقيمون الاحتفالات بالموالد من استعمال الأغاني وآلات الطرب وقلة احترام كتاب الله تعالى، فإنهم يجمعون في هذه الاحتفالات بينه وبين والأغاني ويبدؤن به وقصدهم الأغاني، ولذلك ترى بعض السامعين إذا طول القارئ القراءة يملون ويتثاقلون منه لكونه طول عليهم.
وكذلك الافتتان بالمردان فإن الذي يغني في الاحتفالات ربما يكون شاباً لطيف الصورة حسن الهيئة فتجدهم يتثنون ويتكسرون في مشيتهم وحركاتهم ويرقصون ويتعانقون فتأخذهم أحوال النفوس الرديئة ويتمكن منهم الشيطان وتقوى فيهم النفس الأمارة بالسوء والعياذ بالله من ذلك.
وكذلك ما يحضره من النساء وافتتان الرجال بهن، وتطلعهم إليهن، وسماع أصواتهن، وتصفيقهن، وغير ذلك مما يكون سبباً لوقوع مفاسد عظيمة، إلى غير ذلك من الفتن والمفاسد التي لا تخفى على من عرف أحوالهم.::::::
وهذه البدعة أول من أحدثها أبو سعيد كوكابوري بن أبي الحسن علي بن باتكين في القرن السادس الهجري، ولم يزل العلماء المحققون