للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضلالة " وقوله " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وعن حذيفة رضي الله عنه: كل عبادة لم يتعبدها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها، فإن الأول لم يترك للآخر مقالاً.

وأيضاً فأكثر ما يقصد من تلك الاحتفالات التي تقام للرؤساء ونحوهم إنما هو الذكرى وبقاء أسمائهم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أُعطى من ذلك ما لم يعطه أحد غيره، فقد رفع الله له ذكره دائماً قال تعالى: [ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذين أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك] فذكره صلى الله عليه وسلم مرفوع ومقرون بذكر ربه كما في الأذان والإقامة وخطبة الجمعة وغيرها.

وفي الصلوات، وفي التشهد، وغيرها، فهو صلى الله عليه وسلم أجل من أن تكون ذكراه سنوية فقط.

وقال السيد محمد رشيد رضى في كتابه " ذكرى المولد النبوي": إن من طباع البشر أن يبالغوا في مظاهر أئمة الدين والدنيا في طور ضعفهم في أمر الدين والدنيا، لأن هذا التعظيم لا مشقة فيه على النفس، فيعملونه بدلاً مما يجب عليهم من الأعمال الشاقة التي يقوى بها أمر المعظم ويعتز بها دينه.::::::

وقد كان السلف الصالح أشد ممن بعدهم تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم، وناهيك ببذل أموالهم وأنفسهم في هذا السبيل، ولكنهم دون أهل هذه القرون التي ضاع فيها الدين في مظاهر التعظيم اللساني، ولاشك أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم أحق الخلق بكل تعظيم، وليس من تعظيمه أن يبتدع في دينه شيء نعظمه به وإن كان بحسن نية، فقد كان جل ما أحدث أهل الممل قبلنا من التغيير في دينهم عن حسن نية، ومازالوا يبتدعون بقصد التعظيم وحسن النية حتى صارت أديانهم

<<  <  ج: ص:  >  >>