للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن حقيقة المندوب ماطلبه الشرع من غير ذم على تركه وهذا لم يأذن فيه الشرع، ولا فعله الصحابة، ولا التابعون: ولا العلماء المتدينون فيما علمت، وهذا جوابي عنه بين يدي الله إن عنه سئلت، ولا جائز أن يكون مباحاً، لأن الابتداع في الدين ليس مباحاً بإجماع المسلمين، فلم يبق إلا أن يكون مكروهاً أو محرماً، ثم صور الفاكهاني نوع المولد الذي تكلم فيه بما ذكرنا بأنه هو أن يعمله رجل من عين ماله لأهله واصحابه وعياله لا يجاوزون في ذلك الاجتماع على أكل الطعام ولا يقترفون شيئاً من الآثام قال: فهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة وشناعة، إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة، الذين هم فقهاء الإسلام، وعلماء الأنام، وسرج الأزمنة، وزين الأمكنة.::::::

ويرى ابن الحاج في " المدخل " إن نية المولد بدعة، ولو كان الاشتغال في ذلك اليوم بقراءة صحيح البخاري وعبارته: وبعضهم أي المشتغلين بعمل المولد يتورع عن هذا ـ أي سماع الغناء وتوابعه ـ بقراءة البخاري وغيره عوضاً عن ذلك، وهذا وإن كانت قراءة الحديث في نفسها من أكبر القرب والعبادات، وفيها البركة العظيمة والخير الكثير، لكن إذا فعل ذلك بشرطه اللائق به على الوجه الشرعي لا بنية المولد ألا ترى أن الصلاة من أعظم القرب إلى الله تعالى ومع ذلك فلو فعلها إنسان في غير الوقت المشروع لها لكان مذموماً مخالفاً، فإذا كانت الصلاة بهذه المثابة فما بالك بغيرها، هذا مابينه المحققون في هذا النوع من المولد.

وقد حاول السيوطي في رسالته "حسن المقصد، في عمل المولد: الرد على ما نقلناه عن الفاكهاني، لكنه لم يأتي بشيء يقوى على معارضة ما ذكره الفاكهاني: فإنه عارضه بأن الاحتفال بالمولد النبوي

<<  <  ج: ص:  >  >>