فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه، وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه، أو يقرأ فيه ولا يتبعه، وبمنزلة من يزخرف المسجد ولا يصلي فيه، أو يصلي فيه قليلاً، وبمنزلة من يتخذ المسابح والسجادات المزخرفة وأمثال هذه الزخارف الظاهرة التي لم تشرع ويصحبها من الرياء الكثير والاشتغال عن المشروع ما يفسد حال صاحبها.::::::::::::
وقال شيخ الإسلام في " الاقتضاء " ص٣٧١: من كانت له نية صالحة أُثيب على نيته وإن كان الفعل الذي فعله ليس بمشروع إذا لم يتعمد مخالفة الشرع. وصرح في ص٢٩٠ بأن إثابة الواقع في المواسم المبتدعة متأولاً ومجتهداً على حسن قصده لا تمنع النهي عن تلك البدع والأمر بالاعتياض عنها بالمشروع الذي لا بدعة فيه.
وذكر أن ما تشتمل عليه تلك البدع من المشروع لا يعتبر مبرراً لها (١) كما صرح في كلامه على مراتب الأعمال بأن العمل الذي يرجع صلاحه لمجرد حسن القصد ليس طريقة السلف الصالح، وإنما ابتلى به كثير من المتأخرين، وأما السلف الصالح فاعتناؤهم بالعمل الصالح المشروع الذي لا كراهة فيه بوجه من الوجوه، وهو العمل الذي تشهد
(١) عبارته بعد ذكر الاثابة لما فيها من المشروع ولحسن القصد ممن فعل ذلك متأولاً مجتهداً أو مقلداً: لكن هذا القدر لا يمنع كراهتها والنهي عنها والاعتياض عنها بالمشروع الذي لا بدعة فيه، كما أن الذين زادوا الاذان في العيدين هم كذلك، بل اليهود والنصارى يجدون في ع باداتهم أيضاً فوائد، وذلك لأنه لا بد أن تشتمل عباداتهم على نوع ما مشروع في جنسه، كما أن قولهم لا بد أن يشتمل على صدق مأثور عن الأنبياء، ثم ذلك لا يوجب أن تفعل عباداتهم أو تروى كلماتهم، لأن جميع المبتدعات لابد أن تشتمل على شر راجح على ما فيها من الخير، إذ لو كان خيرها راجحاً لما أهملتها الشريعة، فنحن نستدل بكونها بدعة على أن اثمها أكبر من نفعها، وذلك هو الموجب للنهي.::::::