أما مايخص مسألة اتخاذ المولد النبوي عيداً بدعوى التعظيم فقد تقدم قول شيخ الإسلام ابن تيمية فيه: إنه لم يفعله السلف مع قيام المقتضي، وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره واحياء سنته باطناً وظاهراً ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.
وتمثيل الشنقيطي " بالصارم المسلول" لدعواه فتح شيخ الإسلام ابن تيمية لباب الابتداع في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، إنما نشأ من عدم تدبر كلام شيخ الإسلام في مقدمته، فإنه قد بين فيها أن مضمون الكتاب" الصارم المسلول" بيان الحكم الشرعي الموجب لعقوبة من سب النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر بياناً مقروناً بالأدلة، ومن نظر إلى الأدلة التي سردها شيخ الإسلام في هذا الكتاب من نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة تبين له أنه دفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وحماية لجنابه من التعرض له بما لا يليق به، وهذا لا صلة له بالابتداع، هذا وليت الشنقيطي فكر في تعذر الجمع بين الأمور التي استدل بها على تبرير الاحتفال بالمولد، فإن كون الشيء الواحد مشروعاً منكراً بدعة في آن واحد لا يتصور، لكن من تكلم فيما لا يحسنه أتى بالعجائب، هذا ما لزم بيانه وبالله التوفيق.