وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء، وطرده ولعنه، ومسخ ظاهره وباطنه: فجعلت صورته أقبح صورة وأشنعها، وباطنه أقبح من صورته وأشنع، وبدل بالقرب بعداً، وبالرحمة لعنة، وبالجمال قبحاً، وبالجنة ناراً تلظى، وبالإيمان كفراً، وبموالات الولي الحميد أعظم عداوة ومشاقة، وبزجل التسبيح والتقديس والتهليل بزجل الكفر وال شرك والكذب والزور الغش، وبلباس الإيمان لباس الكفر والعصيان والفسوق، فهان على الله غاية الهوان، وسقط من رحمته غاية السقوط، وحل عليه غضب الرب تعالى فمقته أكبر المقت وأرداه.
وما الذي أغرق أهل الأرض حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال.
وما الذي سلط الريح العقيم على عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض، كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمرت ما دمرت عليهم من ديارهم وحروثهم ورزوعهم ودوابهم، حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة.
وما الذي أرسل على ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم.
وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبح كلابهم ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، فأهلكهم جميعاً، ثم أتبعهم حجارة من سجيل السماء أمطرها عليهم، فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمة غيرهم، ولإخوانهم أمثالها، وما هي من الظالمين ببعيد