أسلافهم الذين مضوا، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان، وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولا خفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم.
فقوله صلى الله عليه وسلم:" وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء " واضح في أن لهذا الذنب خصوصية في منع القطر من السماء، لما في ذلك من منعهم الفضل عن مستحقه، فجوزوا بنظير أعمالهم، لأن الجزاء من جنس العمل، وكثير من الناس لا يؤدي الزكاة المفروضة من الأموال الخفية: إما بخلا ـ والعياذ بالله ـ أو جهلاً بالنصاب، أو غير ذلك. فإنه كان عند الإنسان ستة وخمسون ريالاً عربياً فحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة وهي ربع العشر، وإذا كان عنده من الذهب أحد عشر جنيهاً ونصفاً تقريباً سعودياً أو جرحاً فحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة وهو ربع العشر.
وقوله " ولولا البهائم لم يمطروا " يدل على أن ما ينزله الله تعالى من المطر في بع الأحيان رحمة للبهائم التي لا جرم لها.
ويشهد لهذا ما رواه أبو يعلى والبزار من حديث أبي هريرة:" مهلاً عباد الله مهلاً، فإنه لولا شباب خشع، وبهائم رتع، وأطفال رضع، لصب عليكم العذاب صباً " وروى أبو نعيم من حديث أبي الزاهرية