للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: (فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (١) .

وهذا التوحيد هو مدلول الكلمة العظيمة لا إله إلا الله، وفإنها اشتملت على أَمرين هما ركناها: النفي، والإثبات. فشطرهالا الأَول وهو ((لا إله)) نفي، وشطرها الآخر وهو ((إلا الله)) إثبات. فالنفي المحض ليس بتوحيد، كما أَن الإثبات المحض ليس بتوحيد، وإنما التوحيد في مجموع الأمرين: نفي الألوهية التي بحق عن غير الله نفيًا عامًا كما تفيده ((لا)) النافية للجنس الداخلة على النكرة. وإثبات جميع أنواع الألوهية لله وحده كما تقتضيه ((إلا)) الإيجابية. إذ معنى لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله، كما قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (٢) .

وقد جاء تفسير لا إله إلا الله مبينًا في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ - وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٣) . والمراد بالكلمة المذكورة في هذه الآية لا إله إلا الله، فإن المعنى أَن إبراهيم عليه السلام جعل (إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) كلمة باقية في عقبه أَي ذريته يدين بها منهم من لا يشرك بالله شيئًا، ومن المعلوم عند العلماء من المفسرين وغيرهم أَن الكلمة التي ترك إبراهيم عليه السلام في عقبه هي لا إله إلا الله، فكان معبرًا عنها في هذه الآية الكريمة (إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) فاتضح بذلك أَن هذا هو معنى لا إله إلا الله.


(١) سورة الأحقاب ٢٨.
(٢) سورة الحج ٦٢.
(٣) سورة الزخرف ٢٦- ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>