بحكمه ونفذ في أنحاء المملكة. والدليل على أن جنس هذا من باب الخبر لا من باب الشهادة حديث ابن عباس: أن رجلاً أعرابياً أتي النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه رأى هلال رمضان فقال " أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. قال: نعم. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا أن ينادي في الناس بأن يصوموا من الغد " وفي رواية: " وأن يقوموا تلك الليلة " رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة. ووجه الدلالة منه أن من سمع نداء بلال بذلك اكتفى به شرعاً في ثبوت الهلا، وكذا من لم يسمع نداء بلال وأخبره شخص بذلك فإنه يثبت عنده الهلال بمجرد ذلك، وهلم جراً. ولا يشترط في ثبوته في حقه أن يكون شهد عنده بذلك اثنان، وهذا بين بحمد الله.
ويدل عليه أيضاً في مسألة خروج رمضان حديث أبي عمير بن أنس رضي الله عنهما:" أن ركباً جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا أنهم رأوا هلال الفطر بالأمس، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم ".
رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه وإسناده صحيح. فأفطر صلى الله عليه وسلم، وأمر بالإفطار، ومن المعلوم أن المسلمين بالمدينة أفطروا بذلك، ومستند إفطار أكثرهم ليس هو سماع لفظ النبي صلى الله عليه وسلم بالإفطار، وإنما تبلغه الناس بعضهم من بعض، واكتفوا بمجرد ذلك من غير احتياج إلى أمر آخر وراء ذلك. والنبي صلوات الله وسلامه عليه مراده من أمر الناس بذلك ليس هو أن يذهب اثنان ممن سمعوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم يقفان على كل فرد ـ فرد من المسلمين يخبر أنه بذلك.