أيها الأحبة! ما هي النتيجة للمتوكلين، ما هي ثمرة التوكل؟! قال إبراهيم عليه السلام: حسبنا الله ونعم الوكيل فكانت الثمرة أن الملك سبحانه وتعالى أمر النار فقال: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}[الأنبياء:٦٩]، قيَّدوه فلم تحرق النار من إبراهيم إلا قيوده، وجلس إبراهيم في النار معاف سليماً، وفي رواية ضعيفة:(أن جبريل لما نزل إليه في النار، قال: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، وإن كانت لله فعلمه بحالي يغني عن سؤالي) وهذه رواية ضعيفة، أما الرواية الصحيحة أنه قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، فنجاه الله من النار.
وقالها سيد الرجال محمد في غزوة أحد، والجروح مثخنة والدماء تنزف، والأصحاب رضوان الله عليهم قد تعرضوا لمحنة قاسية، وفي اليوم التالي أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج، فخرجوا فهددوا من أبي سفيان وجيشه:{إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}[آل عمران:١٧٣]، قالوا: لا، {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران:١٧٣]، فما هي الثمرة؟ {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}[آل عمران:١٧٤].
فالتوكل نتعلمه من رسول الله كما في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله، قال جابر:(كنا في غزوة ذات الرقاع، وكنا إذا رأينا شجرة ظليلة تركناها للنبي صلى الله عليه وسلم لينام تحتها، يقول: فأتينا على شجرة ظليلة فتركناها لرسول الله، فنام النبي تحتها وقد علق سيفه على غصن من أغصانها، فجاء رجل مشرك فرأى النبي نائماً ورأى السيف معلقاً ففرح، فاخترط السيف -أي: أخذ السيف- وأراد أن يهوي بالسيف على الحبيب المصطفى، فالتفت إليه النبي وهو نائم على ظهره، فقال المشرك لرسول الله: أما تخافني؟ فقال المصطفى: لا، فقال المشرك: فمن يمنعك مني الآن يا محمد؟ قال المصطفى: الله! فسقط السيف من يده، فأخذ النبي السيف بيده وقال للمشرك: من يمنعك مني؟ قال: كن خير آخذ يا محمد، قال المصطفى: حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، قال المشرك: لا) وأنا أقول لكم: والله ما تجرأ المشرك على قولة (لا) والسيف في يد رسول الله إلا علمه اليقيني بأخلاق الحبيب المصطفى (قال: لا.
إلا أني أعاهدك على ألا أقاتلك، أو أكون في قوم يقاتلونك، فخلى النبي سبيله، فانصرف الرجل إلى قومه ليقول: يا قوم! لقد جئتكم من عند خير الناس) أي: من عند محمد بن عبد الله الذي توكل على الله سبحانه وتعالى.