[الصراط جسر جهنم وأحوال الناس عليه]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الآباء الفضلاء، وأيها الإخوة الأحباب الكرام الأعزاء، وطبتم جميعاً وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم الحليم الكريم جل وعلا الذي جمعنا في هذا البيت الكريم المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار كرامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله! في رحاب الدار الآخرة، سلسلة علمية كريمة تجمع بين المنهجية والرقائق، وبين التأصيل العلمي والأسلوب الوعظي، الهدف منها تذكير الناس بحقيقة هذه الدنيا وبالآخرة، في عصر طغت فيه الماديات والشهوات، وانحرف فيه كثير من الناس عن منهج رب الأرض والسماوات؛ ليتوبوا إلى الله ويتداركوا ما قد فات، قبل أن تأتيهم الساعة بغتة وهم يخصمون، فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون.
نحن اليوم -بإذن الله جل وعلا وتوفيقه ومدده- على موعد مع اللقاء التاسع عشر من لقاءات هذه السلسلة العلمية الكريمة، وكنا قد توقفنا في اللقاء الماضي مع مشهد الميزان، وقلنا: إن الحساب لتقرير الأعمال، وإن الوزن لإظهار مقدارها ليكون الجزاء بحسبها.
فإذا وزنت الأعمال، وتقرر الجزاء، وما بقي إلا أن يلقى كل واحد مصيره، فيأمر الملك جل وعلا أن ينصب الصراط على متن جهنم؛ ليمر عليه المتقون إلى جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدراً، ليمر عليه المتقون إلى جنات عدن، وليمر عليه المشركون والمجرمون إلى نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى.
وهذا هو موضوعنا اليوم مع حضراتكم بإذن الله جل وعلا، فإننا اليوم على موعد مع مشهد الصراط بعد الميزان.
وسوف أركز الحديث مع حضراتكم في هذا الموضوع الخطير في العناصر التالية: أولاً: الصراط جسر جهنم وأحوال الناس عليه.
ثانياً: الأمانة والرحم على جانبى الجسر.
ثالثاً: آخر رجل يمر على الصراط.
وأخيراً: كيف النجاة؟ فأعيرونى القلوب والأسماع والوجدان، فإن الموضوع جد خطير، والله أسأل أن ينجني وإياكم يوم الحساب، ويوم الميزان، ويوم الصراط، إنه ولي ذلك والقادر عليه.