أما إن سألتموني عن أزواج أهل الجنة، فسوف يوافيكم الجواب من رب الجنة جل وعلا، يقول سبحانه:{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٧٠ - ٧٨] هذه زوجتك من الحور العين في الجنة.
ولقد ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الطبراني في الأوسط، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(حدثني جبريل عليه السلام) استمعوا أيها الشباب, يا من تعانون من أزمات الزواج انتبهوا فقال:(يدخل الرجل) من أهل التوحيد, أو من أهل الطاعات, أو من أهل الإيمان (على الحوراء في الجنة) الحوراء من الحور العين (فتستقبله بالمعانقة والمصافحة، فبأي بنان تعاطيه؟ لو أن بعض بنانها بدا -أي: ظهر- لغلب ضوؤه ضوء الشمس والقمر, ولو أن تاقة من شعرها -أي: خصلة من شعرها- بدت -أي ظهرت- لملأت ما بين المشرق والمغرب من طيب ريحها، وبينما هو متكئ معها على أريكته){عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ}[المطففين:٢٣] , بينما أنت يا ولي الله، يا من وحدت الله جل وعلا متكئ مع حوريتك على أريكتك (إذ أشرف عليه نور من أعلى، فيظن أن الله قد أشرق على الناس بنوره جل وعلا, فينظر فيرى صوت المنادي عليه) وهو متكئ معها على أريكته، يسمع صوتاً فينظر فيرى النور، وينبثق من مصدر هذا النور صوت رقيق عذب، إنه صوت حورية أخرى من حور الجنة، تقول له:(يا ولي الله! أما لنا فيك من دولة؟) نحن في شوق إليك, نحن في انتظارك يا ولي الله (فيقول لها: من أنت يا هذه؟ فترد عليه الحوراء وتقول: أنا من اللواتي قال الله فيهن: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}[ق:٣٥] فيترك الأولى ويذهب إلى الحورية الثانية فيراها أجمل وأحسن, يرى عندها من الحسن والجمال والكمال ما لم يره عند الأولى، وبينما هو متكئ مع الثانية على أريكته فإذ به يرى نوراً وصوتاً يقول له: يا ولي الله! أما لنا فيك من دولة؟ فيقول لها: من أنت يا هذه؟ فتقول له: أنا من اللواتي قال الله فيهن: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة:١٧]) فيظل الموحد لله جل وعلا، الذي فاز بالجنة عند الله عز وجل ينتقل من زوجة إلى زوجة.
أما زوجتك المؤمنة في الدنيا المنتقبة الطاهرة العفيفة في الدنيا أما المتوضئات أما الطاهرات أما الحافظات لفروجهن أما الصوامات لشهرهن أما القائمات ليلهن أما الحافظات لأزواجهن استمعوا واعلموا أن الزوجة المؤمنة من نساء الدنيا يكون جمالها في الجنة يفوق جمال الحور سبعين ضعفاً, أنتم سمعتم وصف الحور فأي حال ستكون عليه زوجتي إن كانت من أهل الجنة؟ أي حال ستكون عليه زوجتك إن كانت من أهل الجنة؟ يفوق جمالها جمال الحور العين سبعين ضعفاً، لماذا؟ لأنها هي التي صامت وقامت، وهي التي كابدت أتعاب الدنيا، وهي التي حاربت الشهوات، وهي التي صبرت معك على الأذى والبلاء، فحق على الله أن يكافئها:{إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً}[الواقعة:٣٥] إنشاء جديد وآخر، إذا ماتت زوجتك المؤمنة وهي عجوز شمطاء كبيرة والتقيت بها في الجنة وجدتها في سن الشباب، وجدتها جميلة وحسناء:{إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً}[الواقعة:٣٥] إنشاء آخر ومن جديد.
{فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً}[الواقعة:٣٦] إذا جامعتها ألف مرة وجدتها بكراً في كل مرة.
{عُرُباً أَتْرَاباً}[الواقعة:٣٧] عرباً: جمع عروب، والعروب: هي المرأة التي تتفنن في كلمات الحب والعشق والغرام لزوجها, هذه هي المرأة من نساء أهل الدنيا إن كانت من أهل الجنة, فالذي حرم من هذا الكلام في الدنيا يسمعه عند الله جل وعلا في الجنة من زوجته إن كانت من الصابرات من أهل الجنات عند رب الأرض والسماوات جل وعلا:{عُرُباً أَتْرَاباً}[الواقعة:٣٧] في سن واحدة: {لأَصْحَابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ}[الواقعة:٣٨ - ٤٠].