قال الإمام ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية: اختلف المفسرون في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}[مريم:٧١] يعني: جهنم والعياذ بالله، فقال بعض أهل العلم: الأظهر والأقوى أن الورود في الآية هو: المرور على الصراط، (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) أي: لابد لكل أحد أن يرد على النار، أي: من فوق الصراط.
ومن أهل العلم من قال: إن الورود هو الدخول، أعاذني الله وإياكم من جهنم، (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) أي: إلا داخلها، فلا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها! ثم ينجي الله الذين اتقوا: فيجعل النار عليهم برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم.
والراجح والتحقيق العلمي الجامع لأقوال أهل العلم في معنى الورود هو: أن الورود على النار نوعان: ورود بمعنى الدخول، وهذا للكفار والمشركين، كما قال الله في شأن فرعون:{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ}[هود:٩٨] فهذا هو الورود الذي هو بمعنى الدخول.
والنوع الثانى: الورود بمعنى: المرور -أي: على الصراط- وهذا لا يكون إلا لأهل الأنوار من المتقين الموحدين ممن قال في حقهم رب العالمين:{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}[مريم:٧٢].