وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة من عاقبة الظلم بين يدي الله جل وعلا، وتدبروا معي هذا الحديث الرقيق الذي رواه ابن ماجة وابن حبان والبيهقي وأبو يعلى الموصلي -والحديث حسن بشواهده- من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه لما رجعت مهاجرة الحبشة عام الفتح إلى رسول الله، قال لهم:(ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بالحبشة؟! فقال فتية منهم: بلى يا رسول الله! بينما نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل قلة ماء على رأسها، فمرت هذه العجوز على فتىً منهم، فقام الفتى ووضع إحدى كفيه بين كتفيها ودفعها وخرت على ركبتيها فانكسرت قلتها! فلما ارتفعت -أي: وقفت- التفتت إلى هذا الشاب وقالت له: سوف تعلم يا غدر! إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، سوف تعلم أمري وأمرك عند الله غداً! فقال المصطفى: صدقت صدقت كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟!).
إي وربي! كيف يقدس الله أمة لا تحترم فيها الكرامات؟! ولا تصان فيها الأعراض والأنساب؟! ولا يحترم فيها الضعفاء؟! ولا يؤخذ فيها الحق من الأقوياء للضعفاء؟! أمة بهذه الأخلاقيات الفاسدة محكوم عليها في الدنيا بالدمار، ومحكوم على أفرادها من أهل الظلم في الآخرة بالنار.