عن أبي سعيد الخدري -في صحيح مسلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ثم يشفع المؤمنون -أي: في إخوانهم الذين سقطوا في النار- فيقول المؤمنون: ربنا! إن إخواننا كانوا يصلون ويصومون ويحجون معنا، فيقول الله جل وعلا: ارجعوا فأخرجوا من النار من عرفتم.
فيرجعون فيعرفونهم في النار بأثر السجود، فإن الله حرم على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود، ثم يرجعون إلى الله فيقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا به، فيقول الملك جل جلاله: ارجعوا -أي: مرة ثانية- فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا به، فيقول الملك -للمرة الثالثة-: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه.
فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يعودون ويقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا به.
فيقول الملك -للمرة الرابعة-: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً.
ثم يقول -الملك الرحيم الرحمن غافر الذنب وقابل التوب، أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، ورب العالمين جل وعلا-: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين).
لك الحمد يا سيدي على حلمك بعد علمك، لك الحمد يا خير راحم، وإن عذبت فغير ظالم، فإن عفوت فخير راحم، لك الحمد على حلمك بعد علمك، وعلى عفوك بعد قدرتك، يا سيدي! إن رأينا ذنوبنا فزعنا، وإن رأينا حلمك وجودك وكرمك طمعنا.
يقول المصطفى:(فيقبض الله قبضة من النار، فيخرج من النار خلقاً كثيراً، يخرجون حمماً -أي: قد احترقوا من شدة النار- فيلقي عليهم ماء يقال له: ماء الحياة، من أنهار على أفواه الجنة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل! فيخرجون كاللؤلؤ، في رقابهم الخواتيم، يعرفهم أهل الجنة فيقولون: هؤلاء عتقاء الرحمن من النار، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه!) اللهم اجعلنا من عتقائك من النار برحمتك يا عزيز يا غفار.