قال الله تعالى:{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ}[الكهف:٨٤]، فمن الذي مَكَّنَ لـ ذي القرنين؟ الله.
{وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}[الكهف:٨٤]، الذي مكن له هو الله، أعطاه من الأسباب ما استطاع به أن يفتح وأن ينتصر وأن يجوب البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً إلخ.
ولفظة التمكين إن فتشت عنها في القرآن سترى أنها في كل مرة وردت تنسب إلى الله رب العالمين، وهذه قاعدة إيمانية ينبغي أن تؤصل في القلوب.
فالذي يُمَكِّن للدول والأمم والشعوب هو الله، والذي يمكن لهذا الحاكم هو الله، والذي يأمر بزوال وهلاك هذا الحاكم هو الله، فيجب علينا جميعاً أن تتعلق قلوبنا بالملك الذي يفعل كل شيء، مع الأخذ بالأسباب، فهذا من حقيقة التوكل على الله عز وجل.
لا تسود أمة إلا بإذن الله، ولا تزول أمة إلا بإذن الله، ولا يسود حاكم إلا بإذن الله، ولا يزول حاكم إلا بإذن الله {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ}[الكهف:٨٤].
وقال الله تعالى:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[آل عمران:٢٦] ثم قال الله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا}[الكهف:٨٤ - ٨٥]، أي: بأسباب التمكين والنصر والفتح والظهور.
فهناك من الأمم من يمكن الله لها، فتأخذ بأسباب التمكين، فيزيدها الله ثباتاً وتمكيناً، فإن فرطت أذهب الله عنها التمكين.
وهناك من الحكام من إذا مكن الله له أخذ بوسائل التمكين، فزاده الله رفعة ونصراً فإن فرط في هذه الأسباب والوسائل أمر الله عز وجل بزواله وهلاكه.