للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخبر والمحدِّث عن الجنة هما الله ورسوله

اعلموا أن الذي يحدثنا عن الجنة هو الله الذي غرس كرامتها بيديه جل وعلا, واعلموا أن الذي يحدثنا عن الجنة: هو رسول الله الذي رآها بعينيه في ليلة الإسراء والمعراج، وكما ورد في صحيح مسلم عليه رحمة الله، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، في صلاة الكسوف (أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي صلاة الكسوف صنع شيئاً لم يصنعه قبل ذلك، فتعجب الصحابة وقالوا: يا رسول الله! رأيناك صنعت شيئاً ما صنعته قبل ذلك، رأيناك تناولت في مقامك شيئاً ثم رأيناك تكعكعت -أي: تأخرت عن ذلك الشيء، أتدرون ماذا قال الحبيب؟ - قال لهم صلى الله عليه وسلم: إني رأيت الجنة ومددت يدي لأتناول عنقوداً من الجنة، ولو أخذته لأكلتم منه بقيت في الدنيا).

لقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم الجنة في ليلة الإسراء والمعراج، ورآها في الدنيا وهو قائم يصلي صلاة الكسوف, فقال لهم: (لقد رأيت الجنة وامتدت يدي لعنقود من ثمارها ومن فاكهتها، ولكنني تأخرت عنه، ولو أخذته لأكلتم منه بقيت الدنيا).

فتعالوا بنا ليحدثنا ربنا عن الجنة، وليحدثنا رسولنا صلى الله عليه وسلم عن الجنة, فماذا قال من غرس كرامتها بيديه في حقها؟ انتبهوا أيها الشباب انتبهوا أيها المؤمنون يقول جل وعلا: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً} [الإنسان:٥ - ٢٢] هذا كلام من غرس كرامتها بيديه جل وعلا.

فماذا قال في حقها من رآها بعينيه صلى الله عليه وسلم؟ يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد والترمذي والبزار والطبراني وابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, قال أبو هريرة: (قلنا: يا رسول الله! حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لبنة من ذهب، ولبنة من فضة) فما هي المادة التي تمسك اللبنتين يا رسول الله؟ -أتدرون ما هي المادة التي وضعت ما بين اللبنتين؟ إنها من المسك- هذا هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لبنة من ذهب، ولبنة من فضة وملاطها -أي: مونتها- المسك، وحصباؤها -الحصى الذي هو موجود في الجنة- اللؤلؤ والياقوت, وترابها الزعفران, من دخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت, لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه).

<<  <  ج: ص:  >  >>