فيقول الجبار جل وعلا -كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم - (شفع الأنبياء والملائكة وسائر النبيين، وبقيت شفاعتي -وهو الحليم الكريم- فيقبض الله جل وعلا قبضة من النار -ولا يعلم قدر عظم قبضة العزيز الجبار إلا هو سبحانه- فيقبض الحق تبارك وتعالى قبضة من النار -أي: من أهل النار- فيخرجون وهم كالفحم قد امتحشوا -أي: صاروا كالفحم- فيخرجون إلى نهر في الجنة يقال له: نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم توضع في رقابهم الخواتيم، يخرجون من هذا النهر كحبات اللؤلؤ فيدخلون الجنة بغير عمل عملوه، فيقول أهل الجنة: هؤلاء هم عتقاء الرحمن من النار).
هذا هو موضوع الشفاعة أيها الأحباب! بإيجاز شديد، وإن فإن الأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً وقد بلغت حد التواتر.
{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا * لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}[مريم:٨٥ - ٨٧] لا يملك الشفاعة إلا الله، ولا يأذن بها إلا لمن يشاء من عباده ويرضى، وأول من يشفع في الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يستحق الشفاعة إلا أهل التوحيد والإيمان، فأحق الناس بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم: من قال: لا إله إلا الله، وجاهد شيطانه ونفسه وهواه.