الرياء لغة: مشتق من الرؤية كما قال الفيروزأبادي: راءيته مراءاة ورئاءً -أي: أريته خلاف ما أظهر- والرياء اصطلاحاً مشتق من معناه اللغوي، فمعنى الرياء اصطلاحاً: أن يبطن العبد شيئاً ويظهر شيئاً آخر.
فيا من تعملون ابتغاء مرضاة الله اسجدوا لله شكراً، وسلوا الله أن يثبتكم على ذلك، ويا من تعمل العمل ولا تبتغي به وجه الله، لا تريد إلا السمعة، ولا تريد إلا الشهرة، ولا تريد إلا أن ترتقي مكانتك بين الناس، فاعلم أن عملك حابط؛ لأن الله جل وعلا لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً صواباً، والخالص: هو ما ابتغيت به وجه الله، والصواب: هو ما كان موافقاً لهدي الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الله جل وعلا:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة:٥]، وقال الله جل وعلا:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف:١١٠].
وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(قال الله تعالى: أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، فمن عَمِلَ عَمَلاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)، وفي لفظ:(فهو للذي أشرك وأنا منه بريء).
الرياء: هو الشرك الخفي، والشرك الأصغر، والرياء هو الذي يحبط الأعمال ويدمرها، روى الإمام أحمد في مسنده بسند حسنه شيخنا الألباني في صحيح الترغيب والترهيب من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ألا أخبركم بما هو أَخْوَف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فَيُزِيِّنُ صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه).
يقوم الرجل فيصلي، فإذا انتبه أن أحداً من الناس ينظر إليه زين صلاته، وتظاهر بالخشوع، وادعى الخشوع والمسكنة والذلة بين يدي الله، هذا هو الشرك الخفي الذي خاف النبي صلى الله عليه وسلم منه على أمته أكثر مما خاف عليهم من فتنة المسيح الدجال، ولا حول ولا قوة إلا بالله! وفي الحديث الذي رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب من حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:(إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء، إذا جزى الناس بأعمالهم يوم القيامة يقول للمرائين: اذهبوا إلى من كنتم تراءون في الدنيا فهل تجدون عندهم جزاءً؟!).
الرياء خطر عظيم! أسأل الله أن يستر علينا في الدنيا والآخرة، وأن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن، وأن يجعل سرنا أحسن من علانيتنا، وأن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يصحح نياتنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.