وفي صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أنه قال: سأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المدة التي سيمكثها الدجال في الأرض، فقال الحبيب:(أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كسائر أيامكم، قالوا: يا رسول الله! اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاة يوم واحد؟!).
انظر إلى همم الرجال، وهم يسألون الرسول عن الصلاة في هذا اليوم! لتعرف الفارق بين هؤلاء الأطهار وبيننا في هذه الأيام، فهم يسألون النبي عن الصلاة، ويسألون النبي عن النجاة، فمنهم من ذهب إليه؛ ليقول يا رسول الله!:(حدثني بأمر أعتصم به، فقال له: قل: ربي الله، ثم استقم)، ومنهم من قال: يا رسول الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فأجابه النبي بحديثه الطويل، وكان السائل هو معاذ بن جبل رضي الله عنه.
وهاهم الصحابة في هذا الحديث يسألون النبي عن الصلاة في هذا اليوم، هل تكفيهم صلاة يوم واحد، قال:(لا، اقدروا له قدره)، يعنى صلوا الفجر وعدوا الساعات التي كانت قبل ذلك بين الفجر والظهر، فصلوا الظهر، وعدوا الساعات التي كانت قبل ذلك بين الظهر والعصر، فصلوا العصر، وهكذا، ولا تصلوا في هذا -اليوم الذي هو كسنة- صلاة يوم واحد، بل صلوا صلاة سنة.
قال:(ثم ينطلق إلى قوم آخرين، فيقول لهم: أنا ربكم، فيقولون له: لا، ويكذبونه ويردون عليه دعوته، فلا ينطلق الدجال عنهم إلا وقد أصبحوا ممحلين)، أي: ذهب كل شيء من المال الذي كان بأيديهم بالأمس القريب؛ فتنة عظيمة حيث يضيع كل المال بين أيديهم، يقول المصطفى:(ويمر على خربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوز الخربة كيعاسيب النحل) أي: كجماعات النحل تمشي وراءه، فتن رهيبة!