وهناك فتنة الشبهات التي مزقت الشمل، وشتتت الصف، وحولت الأمة الواحدة إلى دول، بل إلى دويلات، بل وتفتتت الدويلات هي الأخرى إلى دويلات وإلى أجزاء، وأصبحت الأمة الآن غثاءً، وهذه فتنة أخرى جديدة تعصف الآن بقلب كل صادق، إذ يرى المسلم واقع أمته مراً أليماً، في الوقت الذي يرى فيه أمم الكفر ودوله قد قفزت قفزات سريعة جداً في عالم الحضارة والرقي والتطور والمدنية، فينظر المسلم الشاب الغيور إلى واقع الأمة، فيرى الأمة ذليلة كسيرة مبعثرة كالغنم في الليلة الشاتية الممطرة، فتعصف الفتنة بقلبه ويتساءل مع نفسه: أهذه هي الأمة التي دستورها هو القرآن، ونبيها هو محمد عليه الصلاة والسلام، وربها هو الرحيم الرحمن؟! ما الذي بدل عزها إلى ذل؟! ما الذي غير علمها إلى جهل؟! ما الذي حول قوتها إلى ضعف وهوان؟! فلا يجد جواباً فتعصف الفتنة بقلبه.
وهناك فتنة الأولاد وفتنة الزوجات، قال جل وعلا:{إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}[التغابن:١٤].
وهناك فتنة المنصب والجاه، والمكانة والسلطان، وقد خاطب الله حبيبه المصطفى بقوله:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ}[الكهف:٢٨] وقد قال الله لحبيبه: {تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[الكهف:٢٨] فتن كثيرة!