هل تعلم أيها الحبيب معنى الأمانة؟ يقول ابن عباس رضي الله عنهما:(الأمانة: هي الفرائض التي افترضها الله على عباده).
ويقول أبو العالية (الأمانة: هي ما أمروا به وما نهوا عنه).
ويقول الحسن -وهذا أبلغ قول للأمانة-: الأمانة هي: الدين.
فالدين كله أمانة).
فالعبادة أمانة، والصلاة أمانة، والزكاة أمانة، والصيام أمانة، والحج أمانة، وجوارحك أمانة، ومنصبك وكرسيك أمانة، والمال عندك أمانة، وزوجك وأولادك أمانة، والعلم عند العالم وطالب العلم أمانة، والحكم أمانة، والله قد حذرنا من الخيانة فقال جل وعلا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال:٢٧].
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن أعرابياً دخل على النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وهو يحدث الناس فقال الأعرابي: يا رسول الله! متى الساعة؟ فمضى النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه ولم يرد على الأعرابي! فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم حديثه، سأل عن الأعرابي السائل عن الساعة فقال: أين السائل عن الساعة؟ قال الأعرابي: ها أنا يا رسول الله! فقال المصطفى: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة) ووالله لقد ضيعت الأمانة، وأنا أقسم بالله وأنا غير حانث.
(إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، فقال الأعرابي الفقيه: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ -أي: كيف تضيع الأمانة؟ سؤال بليغ- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا وسد الأمر إلى غير أهله) ووالله لقد وسد الأمر إلى غير أهله، وتقدم وتطاول الأقزام والتافهون والرويبضات، ممن قال عنهم الصادق -في حديثه الصحيح الذي رواه أحمد والحاكم من حديث أبي هريرة -: (سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة.
قيل: ومن الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)، والله لقد تكلم التافهون والساقطون، لا في أمر العوام، بل في أمر الإسلام! وفي دين محمد عليه الصلاة والسلام.
وراعي الشاة يحمي الذئب عنها فكيف إذا الرعاة لها الذئاب إلا من رحم ربك جل وعلا، فالدين كله أمانة، والله قد حذر من الخيانة، الأمانة تقف على جانب الصراط تطالبك بحقوقها قبل أن تمر، فالله الله في الأمانة.