ومن أظلم الظلم سفك الدم بغير حله، وهذا هو عنصرنا الثالث من عناصر هذا اللقاء:(حرمة الدماء) أيها المسلمون! لحرمة الدماء عند الله كانت الدماء هي أول شيء يقضي الله فيه بين العباد.
ففي الصحيحين من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء).
ولا تعارض بين هذا الحديث وبين الحديث الصحيح الذي رواه أصحاب السنن، وفيه يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:(أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة).
لا تعارض بين الحديثين، بقي كيف نزيل توهم التعارض؟ قال أهل العلم: أما الصلاة فهي أول حق لله، وأما الدماء فهي أول حق يقضي الله فيه بين العباد، فلا تعارض بين الحديثين، ولذلك جمعت رواية النسائي بين الأمرين في لفظ واحد، فقال المصطفى عليه الصلاة والسلام:(أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، وأول ما يقضى فيه بين العباد في الدماء).
الله هو خالق الإنسان وهو واهب الحياة، ولا يجوز لأحد البتة أن يسلب الحياة إلا خالقها وواهبها، أو بأمره وشرعه سبحانه يقول جل وعلا:{وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}[الأنعام:١٥١].
ولو سمعت الأمة هذه الأحاديث التي سأذكرها الآن وعملت بها، ما رأينا هذه البرك من الدماء هنا وهناك، ولكننا نرى الدماء لا حرمة لها عند كثير من الناس، ففي كل يوم يُقتل العشرات بل المئات بل الآلاف! وهذا من علامات الساعة كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم:(بين يدي الساعة يكثر الهرج قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟! قال: القتل القتل)، وفي لفظ:(لا يدري القاتل فيم قَتل، ولا يدري المقتول فيم قُتل).