الرحم وما أدراك ما الرحم! آهٍ! من تقطيع الأرحام في هذا الزمان، والله لقد رأينا الابن يقطع رحم أبيه وأمه! رأينا الإنسان المسلم الآن يأتي إلى المسجد وهو قاطع لأرحامه! لا يعرف والده! يهين أباه! يهين أمه! يهين عمه! يهين خاله! يهين عمته! يهين خالته! قطع الأرحام، ومزق الأرحام، ثم يقول: إن أهلي لا يودوني! لا يزوروني! لا يودني أحد من أهلي! وأنا لذلك لا أزور أحداً! هذا هو ما يسمى بتبادل المنافع والمصالح والزيارات، إن زارك عمك تقدم له الزيارة، وإن لم يفعل لا تفعل! هذا تبادل مصالح ومنافع وزيارات، أما الصلة فهي أن يقطعوك فتصل، واسمع لهذا الحديث المرعب! لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم -والحديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة -: (لما فرغ الله تعالى من خلق الخلق قامت الرحم فقالت: يا رب! هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال الله للرحم: أما ترضين أن أصل من وصلك، وأن أقطع من قطعك؟! قالت: بلى، قال: لك ذلك.
فقاطع الرحم ملعون من رب العالمين، {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ}[محمد:٢٣].
فيا أيها المسلم! أيها المصلي! يا من تخشى المرور على الصراط! اذهب اليوم وضع أنفك في التراب لله، واذهب إلى أهلك، وقبل يد أبيك وقبل يد أمك، واذهب إلى أعمامك وعماتك وأخوالك وخالاتك ورحمك، ولا تقطع الرحم فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(لا يدخل الجنة قاطع رحم) والحديث في البخاري ومسلم، وفي الصحيحين أيضاً من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال:(من أحب أن يبسط له في رزقه -إذا أردت أن يوسع الله عليك في رزقك- وينسأ له في أثره -أي: يبارك له في أجله وعمره- فليصل رحمه)، هذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، فالأمانة والرحم على جنبتي الصراط تطالبان كل من يمر بحقهما، الله الله في الأمانة، الله الله في الرحم.