القول الثالث: أن الذي يوزن في ميزان العبد يوم القيامة هي الصحف.
واستدلوا على ذلك بحديث صحيح رواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وصححه على شرط الشيخين، وأقره الذهبي، ورواه ابن حبان وأبو داود وغيرهم، وصحح الحديث شيخنا الألباني من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله تعالى سيخلص رجلاً من أمتي يوم القيامة على رءوس الخلائق، فينشر عليه تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل مثل مد البصر، فيقول الله جل وعلا للعبد: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول العبد: لا يا رب! فيقول: أفلك عذر؟ فيقول العبد: لا يا رب، فيقول الله جل وعلا: بلى؛ إن لك عندنا حسنة، فتخرج بطاقة مكتوب فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول العبد: يا رب! ما هذه البطاقة إلى جوار هذه السجلات؟! فيقول الله جل وعلا: احضر وزنك؛ فإنه لا ظلم عليك اليوم، فتوضع السجلات -أي: الصحف- في كفة، وتوضع البطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة؛ فإنه لا يثقل مع اسم الله شيء).
اللهم كما خلقتنا موحدين ثبتنا على التوحيد، واختم لنا بالتوحيد يا رب العالمين! فيا من خلقك الله موحداً! وأرسل إليك محمداً؛ لا تغفل عن شكر هذه النعمة، أسأل الله أن يجعلنا أهلاً لها.
ومما زادني فخراً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي! وأن أرسلت أحمد لي نبيا ولكن أرجو أن نعلم يقيناً أن التوحيد ليس مجرد كلمة ترددها الألسنة أو دخان يطير في الهواء، بل إن التوحيد: قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان.
أيها الأحبة الكرام! فما هو القول الراجح من بين هذه الأقوال؟ وما هي الأعمال التي تثقل في الميزان؟! أرجئ الجواب في عجالة على هذين السؤالين إلى ما بعد جلسة الاستراحة، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.