ومن العلامات: تداعي الأمم على أمة الحبيب المحبوب، ففي الحديث الذي رواه أبو داود من حديث ثوبان وهو حديث صحيح بمجموع طرقه، أنه صلى الله عليه وسلم قال:(يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: كلا، إنكم يومئذ كثير ولكن غثاء كغثاء السيل، وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟! قال: حب الدنيا وكراهية الموت).
إنه واقع نعيش فيه واقع تحياه الأمة!! تداعت أذل أمم الأرض وأحقر أمم الأرض من اليهود من عباد البقر من الملحدين في الشيشان من المجرمين في كل مكان.
تداعت أذل أمم الأرض على أمة الإسلام، وطمع في الأمة الذليل قبل العزيز، والضعيف قبل القوي، والقاصي قبل الداني، وأصبحت الأمة قصعة مستباحة لأمم الأرض!! أصبحت الأمة غثاءً من النفايات البشرية تعيش على ضفاف مجرى الحياة الإنسانية كدويلات متناثرة متصارعة متحاربة تفصل بين هذه الدويلات حدود جغرافية مصطنعة ونعرات قومية منتنة، وترفرف على سمائها رايات العلمانية أو رايات القومية والوطنية، وتحكم الأمة كلها قوانين الغرب العلمانية، وتدور بها الدوامات السياسية، فلا تملك الأمة نفسها عن الدوران، بل ولا تختار لنفسها حتى المكان الذي تدور فيه، ذلت بعد عزة وجهلت بعد علم وضعفت بعد قوة وأصبحت في ذيل القافلة البشرية بعد أن كانت بالأمس القريب تقود القافلة كلها بجدارة واقتدار، وأصبحت تتسول على موائد الفكر الإنساني والعلمي والطبي الغربي بعد أن كانت بالأمس القريب منارة تهدي الحيارى والتائهين الذين أحرقهم لفح الهاجرة القاتل، وأرهقهم طول المشي في التيه والظلم.