وتدبر معي هذا الحديث: الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم في المستدرك، وصحح الحاكم الحديث على شرط الشيخين، وأقر الحاكم الذهبي والألباني في السلسلة من حديث أبي هريرة أن الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى قال: إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قالوا: ارجعوا فستحفرونه غداً، فيرجعون، فيعيد الله السد أشد مما كان، حتى إذا أراد الله أن يبعثهم خرجوا يحفرون السد، فقال الذي عليهم إذا ما رأوا شعاع الشمس: ارجعوا، وستحفرونه غداً إن شاء الله تعالى -فأتوا بالمشيئة في هذه المرة فيعودون فيرون السد كهيئته التي تركوه عليها، فيحفرونه ويخرجون فيشربون الماء]، وفي رواية مسلم في حديث النواس بن سمعان (فيمرون على بحيرة طبرية، فإذا مَرَّ أوائل يأجوج ومأجوج شربوا ماء البحيرة كله حتى جففوا البحيرة عن آخرها!! فإذا جاء أواخر يأجوج ومأجوج، ومروا على البحيرة قالوا: لقد كان بهذه مرة ماء!) وهم لا يعلمون أن أوائل هاتين الأمتين هي التي جففت البحيرة من مائها، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:(فيخرجون فينشفون الماء -أي: يجففون ويشربون الماء -فيخاف الناس ويتحصنون منهم في الحصون- يتركون لهم الشوارع والطرقات لا قدرة لأحد بقتالهم- فيقول يأجوج ومأجوج: لقد قتلنا أهل الأرض، فهلم لنقتل أهل السماء -وانظر إلى هذا الفجور، وبهذه العبارة تستطيع أن تتصور حجم الفساد الذي قاموا به في الأرض- وبالفعل يوجهون النشاب -أي: السهام- إلى السماء، فيريد الملك أن يبتليهم، فيرد الله عليهم نشابهم ملطخة دماً، فيقولون: قهرنا أهل الأرض، وعلونا أهل السماء).
] في الوقت الذي تبتلى فيه الأرض بهذه الفتنة تكون فتنة أخرى قد عصفت بأهل الأرض عصفاً، ألا وهي فتنة الدجال، ويمن الله على عباده فينزل عيسى عليه السلام، وهذا ما سنتعرف عليه في اللقاء الأخير بعد جلسة الاستراحة ألا وهو عيسى بن مريم والدعاء المستجاب؛ لنرى كيف أهلك الله عز وجل يأجوج ومأجوج بفضله ومنته ورحمته على يد نبيه عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.