[التوبة والعمل الصالح سبب في دخول الجنة]
الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وما كان معه من إله, الذي لا إله إلا هو فلا خالق غيره ولا رب سواه, المستحق لجميع أنواع العبادة، ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه، ذلك بأن الله هو الحق, وأن ما يدعون من دونه الباطل، وأن الله هو العلي الكبير.
أحمدك يا رب وأستعينك وأستغفرك وأستهديك, لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، جل ثناؤك، وعز جاهك، ولا إله غيرك, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, هو الواحد الذي لا ضد له, وهو الصمد الذي لا منازع له, وهو الغني الذي لا حاجة له, وهو القوي الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء, وهو جبار السماوات والأرض, لا راد لحكمه، ولا معقب لقضائه وأمره.
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا ومعلمنا وقدوتنا وقرة أعيننا محمد رسول الله.
يا مصطفى ولأنت ساكن مهجتي روحي فداك وكل ما ملكت يدي
إني وقفت لنصر دينك همتي وسعادتي ألا بغيرك أقتدي
لك معجزات باهرات جمة وأجلّها القرآن خير مؤيد
ما حرفت أو غيرت كلماته شلت يد الجاني وشاه المعتدي
وأنا المحب ومهجتي لا تنثني عن وجدها وغرامها بمحمد
قد لامني فيه الكفور ولو درى بنعيم إيماني لكان مساعد
يا رب صل على الحبيب محمد واجعله شافعنا بفضلك في غد
اللهم صلاةً وسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله، يليقان بمقامك يا أمير الأنبياء! ويا سيد المرسلين! أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام: تعالوا بنا لنواصل مسيرتنا المباركة في شرحنا لآيات من كتاب ربنا جل وعلا، ومع اللقاء التاسع والعشرين ما زلنا بفضل الله وطوله وحوله ومدده وتوفيقه نطوِّف معكم في بستان سورة مريم المباركة, وقد انتهينا في اللقاء الماضي بفضل الله جل وعلا من الحديث عن التوبة وعن شروطها وأركانها, ونحن اليوم بمشيئة الله عز وجل على موعد مع حديث عن الجنة.
يقول سبحانه وتعالى في سورة مريم: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} [مريم:٦٠] أي: إلا من رجع عن ترك الصلوات واتباع الشهوات، وتاب إلى الله عز وجل قبل الله توبته, وأدخله الله عز وجل الجنة: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ} [مريم:٦١] لأن الجنة -يا أحبابي- غيب من غيب الله جل وعلا, آمنا بها لإيماننا بالله, ولتصديقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو جزاء الله الذي وعده للتائبين هذا جزاء الله الذي وعده للمتقين هذا جزاء الله الذي وعده للموحدين إن وعد الله صدق, وإن وعد الله حق, وإن وعد الله لا يخلف: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً} [مريم:٦١] {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً} [مريم:٦٣].