زعم اليهود -عليهم لعائن الله المتتابعة- أنهم قتلوا عيسى بن مريم وصلبوه، وزعم النصارى -بجهل وغباء- أن عيسى قتل وصلب ودفن، وخرج من قبره بعد ثلاثة أيام، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الرب أبيه! وهو ينتظر إلى يوم الخلاص؛ ليقضي بين الأحياء والأموات!! {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}[الكهف:٥].
قال أهل التفسير: إن الله عز وجل لما أراد أن يرفع إليه نبيه عيسى إلى السماء، بعدما انطلق اليهود لقتله، ألقى الله شبه عيسى على يهوذا الأسخريوطي الخائن، الذي أخذ اليهود ليدلهم على مكان نبي الله عيسى، فابتلاه الله فألقى عليه شبهه، فأخذه اليهود فقتلوه وصلبوه.
هذا قول.
القول الآخر: ما جاء عن ابن عباس -كما روى ذلك ابن أبي حاتم والنسائي بسند صححه الحافظ ابن كثير في تفسيره لسورة النساء- أنه قال: لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى البيت في اثني عشر رجلاً من الحواريين -أي: من حوارييه وأنصاره- فخرج عليهم نبي الله عيسى، وقال: إن منكم من سيكفر بي بعد أن آمن بي، ثم قال لهم: أيكم يقبل أن يلقى عليه شبهي؛ ليقتل مكاني فيكون معي في درجتي في الجنة، فقام أحدثهم سناً وقال: أنا، فقال له نبي الله عيسى: اجلس، فجلس، ثم أعاد عيسى القول مرة ثانية، فقام نفس الشاب، فقال له عيسى: اجلس، فجلس، ثم أعاد عيسى قوله للمرة الثالثة، فقام نفس الشاب فقال عيسى: هو أنت، فألقى الله على هذا الشاب شبه عيسى، ورفع الله عيسى إلى السماء.
وجاء الطلب من اليهود -أي: الذين يطلبون عيسى لقتله- فأخذوا هذا الشاب فقتلوه وصلبوه، فكفر بعض أتباع عيسى ممن آمنوا به كما ذكر لهم من قبل.