للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفات عيسى الخَلْقية والخُلُقية

أيها الحبيب! لا تعجب إذا قلت لك: بأن الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، قد بين وحدد لنا شكل عيسى ووصف لنالونه ووجهه عليه السلام، بل وثيابه ورأسه وعرقه، وفي أي مكان ينزل.

اسمع ماذا قال الحبيب! والحديث رواه أبو داود في سننه بسند صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: (ليس بيني وبين عيسى نبي، وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، إنه رجل مربوع -أي: ليس بالقصير ولا بالطويل ولا بالنحيف ولا بالسمين- إلى الحمرة والبياض كأن رأسه يقطر ماء من غير بلل).

وفي رواية النواس بن سمعان في صحيح مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ينزل عيسى عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين)، وفي رواية: (بين ممصرتين أو مهرودتين -أي: ثوبين مصبوغين بصفرة خفيفة يسيرة- واضعاً كفيه على أجنحة ملكين).

ثم يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفع رأسه تحدر منه جمان كحبات اللؤلؤ) أي: إذا رفع عيسى رأسه نزلت حبات من الماء على وجهه كحبات لؤلؤية فضية بيضاء، وإذا رفعه تحدر منه جمان كحبات اللؤلؤ، وصف عجيب! وينطلق نبي الله أول الأمر إلى بيت المقدس -اللهم طهره من دنس اليهود يا عزير يا حميد- وأبشر أيها الحبيب! فهناك حيث حاصر الدجال المسلمين حصاراً عنيفاً، وفتن المسلمين فتنة قاسية شديدة، قال المصطفى: (فينزل نبي الله عيسى على المسلمين الموحدين -من أتباع سيد النبيين- وهم يصلون صلاة الصبح)، فإذا رأى الإمام الفطن الذكي نبي الله عيسى عرفه فتقهقر -أي: أراد أن يرجع إلى الخلف- ليتقدم نبي الله عيسى، فيقول له نبي الله: لا، ويأخذه من كتفه ويقدمه، ويقول: صل أنت فإن الصلاة لك أقيمت، فإن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله لأمة محمد)، أي: تكرمة الله لهذه الأمة الميمونة المباركة، فمن بين أضلاع هذه الأمة من يصلي إماماً بنبي الله عيسى!

<<  <  ج: ص:  >  >>