[وصف النبي للدجال]
ففتنة الدجال عظيمة! أعظم فتنة على وجه الأرض بشهادة الصادق الذي لا ينطق عن الهوى.
لذا وصف النبي الدجال وصفاً دقيقاً محكماً، وَبَين لنا فتنته بياناً شافياً؛ حتى لا يغتر بالدجال وفتنته أحد من الموحدين لله رب العالمين فتدبر معي وهذا هو عنصرنا الثاني.
روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (قام رسول الله في الناس خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال، ولقد أنذر نوح قومه الدجال، ولكن سأقول لكم في الدجال قولاً لم يقله نبي لقومه: ألا فاعلموا أنه أعور، وأن الله ليس بأعور)، وصف عجيب! وفى رواية (أعور العين اليمنى)، وفي رواية أخرى صحيحة (أعور العين اليسرى)، والروايتان في صحيح مسلم.
(اعلموا أنه أعور، وأن الله ليس بأعور)، جل جلال الله، جل ربنا عن الشبيه وعن النظير وعن المثيل لا كفء له، ولا ضد له، ولا ند له، ولا مثل له، ولا زوج له، ولا ولد له: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١]، {فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١].
ثم قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: -والحديث رواه مسلم من حديث أنس -: (الدجال ممسوح العين، مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مسلم).
ماذا تريد بعد ذلك من الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، الذي قال ربه في حقه: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨]، فهو يصفه لك؛ لتعرفه إن خرج بين أظهرنا، فيقول لك: (الدجال ممسوح العين، مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مسلم).
وفى رواية حذيفة في صحيح مسلم قال: (الدجال، مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مؤمن: كاتب وغير كاتب).
سيحزن الآن والد من آباءنا الكرام ويقول: أنا لا أقرأ، فهل إذا خرج الدجال لا أستطيع أن أقرأ كلمة (كافر) بين عينيه؟ أقول لك: أبشر! المهم أن تحقق الإيمان بالله، فرسول الله قال: (مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن: كاتب وغير كاتب)، يعني إن كنت تقرأ أو إن كنت أميّاً لا تقرأ، فيومها سيوفقك الله بإيمانك أن تقرأ كلمة (كافر) بين عيني الدجال.
والكتابة بين عينيه كتابة حقيقية ليست مجازية، لا ينبغي أن نصرف لفظ النبي أبداً، الكتابة على جبين الدجال كتابة حقيقية، لذا وردت رواية في صحيح مسلم أن النبي قرأ الكلمة بحروفها، قال: (ك، ف، ر) فتهجاها بحروفها.
فالكتابة على جبينه بين عينيه كتابة حقيقية، وليست مجازية، قد جعلها الله من الأدلة القاطعة على كفره وكذبه، ومن رحمة الله أن لا يقرأ هذه الكلمة إلا من وحد الله جل وعلا وآمن بالله عز وجل.