وتدبر معي -أيها الشاب الحبيب- لتتعرف على قيمة العقل البشري إذا تحدى نور الوحي الإلهي وانفك عن نور الهدي المحمدي النبوي، هذا هو العقل الأمريكي الجبار الذي أُقِرُّ أنه قد وصل إلى ما وصل إليه في الجانب المادي والعلمي، انطلق بعيداً في أجواء الفضاء، وفي أعماق البحار، وفجر الذرة، وصنع القنبلة النووية، بل وحول العالم كله إلى قرية صغيرة عن طريق هذا التقدم المذهل في عالم الاتصالات والمواصلات، هذا ما وصل إليه العقل الأمريكي الجبار في جانب العلم والمادة، انظر إلى حقيقته في جانب الأخلاق والعقيدة والروح، ستراه قد هوى إلى قاع الرذيلة ومستنقع الزندقة والإلحاد، فها هو العقل الأمريكي في هذه الأيام يدافع عن الشذوذ الجنسي، وليست أحداث الحملة الانتخابية لـ بيل كلنتون منكم ببعيد، الذي أذن للشاذين جنسياً أن يدخلوا الجيش الأمريكي، بل والآن الكنائس في أمريكا تعقد فيها حفلات الزواج، وستعجب إذا علمت أن الزوج رجل والزوجة رجل، يتزوج الرجل بالرجل، وتتزوج المرأة بالمرأة، هذا هو العقل الأميركي الذي لا زال يتغنى بالديمقراطية في كل أنحاء العالم، وإذا ما ذهبت إلى (نيويورك) فاجأ بصرك تمثال الحرية الكاذب، تتغنى بالديمقراطية وفي الوقت ذاته لا زالت تدافع عن العنصرية اللونية البغيضة! وكلنا يتذكر أحداث (لوس أنجلوس).
وهذا هو العقل الروسي الملحد، شعاره: يؤمن بثلاثة ويكفر بثلاثة، يؤمن بـ ماركس ولينين واستالين، ويكفر بالله، وبالدين، وبالملكية الخاصة.
وهذا العقل اليوناني يدافع عن الدعارة، وهذا العقل الروماني يدافع عن مصارعة الثيران، وهذا العقل الهندي يدافع عن عبادة البقرة، وهذا العقل العربي في الجاهلية الأولى يدافع عن وأد البنات وهن أحياء، ويدافع عن عبادة الأصنام، وهذا العقل في جاهليته المعاصرة يؤمن بالكفر والزندقة، ويتغنى بالبعثية والقومية، فيقول قائلهم: آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني ويقول آخر: هبوني عيداً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم سلام على كفر يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم هذا هو العقل حينما يتحدى الوحي الإلهي وينفك عن الهدي المحمدي النبوي، فينبغي أن يعلم العقل قدره، وينبغي أن يقف العقل عند حدوده، فلينطلق العقل في حدوده ومجاله ليسجد مع الكون كله لله رب العالمين، لو كان أمر الدين بالعقل لكان المسح على باطن الخف -كما ذكرت- أولى بالمسح من أعلاه.