للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَسَائِلِ مَرَضِ الْمَوْلَى وَعَامَّةِ مَسَائِلِ الْمَأْذُونِ.

ــ

[كشف الأسرار]

حَيْثُ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ وَلَمَّا كَانَ لِلْمَوْلَى حَقُّ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِذْنِ بِدُونِ رِضَاهُ كَمَا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ الْوَكِيلِ بِدُونِ رِضَاهُ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ فِي حُكْمِ بَقَاءِ الْإِذْنِ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ أَيْضًا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ بِدُونِ تَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ فَلَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ فِي حُكْمِ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ.

وَقَوْلُهُ فِي مَسَائِلِ مَرَضِ الْمَوْلَى مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فِي حُكْمِ الْمِلْكِ، وَقَوْلُهُ وَعَامَّةُ مَسَائِلِ الْمَأْذُونِ أَوْ أَكْثَرُهَا مُتَعَلِّقٌ بِبَقَاءِ الْإِذْنِ أَيْ جَعَلْنَاهُ فِي حُكْمِ الْمِلْكِ فِي مَسَائِلِ مَرَضِ الْمَوْلَى وَفِي حَقِّ بَقَاءِ الْإِذْنِ فِي عَامَّةِ مَسَائِلِ الْمَأْذُونِ كَالْوَكِيلِ فَمِنْ أَمْثِلَةِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مَا إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ مَرِضَ الْمَوْلَى فَبَاعَ الْعَبْدُ بَعْضَ مَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ تِجَارَتِهِ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَحَابَى فِي ذَلِكَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ يَسِيرٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَجَمِيعُ مَا فَعَلَ الْعَبْدُ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَوْلَى لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمَّا كَانَ وَاقِعًا لِلْمَوْلَى كَمَا كَانَ وَاقِعًا لِلْمُوَكِّلِ فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ يَتَغَيَّرُ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ بِمَرَضِ الْمَوْلَى لِتَعَلُّقِ حَقِّ وَرَثَتِهِ بِمِلْكِهِ كَمَا يَتَغَيَّرُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ بِمَرَضِ الْمُوَكِّلِ وَصَارَ كَمَا إذَا بَاشَرَهُ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ لِاسْتِدَامَتِهِ الْإِذْنَ بَعْدَ مَرَضِهِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ.

وَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَهُمَا فِي الْمُحَابَاةِ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ فَأَمَّا الْمُحَابَاةُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَبَاطِلَةٌ وَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ عِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ هَذِهِ الْمُحَابَاةَ حَتَّى لَوْ بَاشَرَهَا فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى كَانَتْ بَاطِلَةً وَلَوْ كَانَ الَّذِي حَابَاهُ بَعْضُ وَرَثَةِ الْمَوْلَى كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بَاطِلَةً لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْعَبْدِ كَمُبَاشَرَةِ الْمَوْلَى الْمَرِيضِ لَا يَمْلِكُ الْمُحَابَاةَ فِي شَيْءٍ مَعَ وَارِثِهِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ فِي مَرَضِ مَوْلَاهُ بِدَيْنٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ قَائِمَةً أَوْ مُسْتَهْلَكَةً أَوْ غَيْرِهَا مِنْ دُيُونِ التِّجَارَةِ وَعَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ ثَبَتَ فِي صِحَّتِهِ بُدِئَ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَمِنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَكَسْبِهِ فَإِنْ فَضُلَ مِنْ رَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ لِأَنَّ رَقَبَتَهُ وَكَسْبَهُ مِلْكُ الْمَوْلَى فَإِقْرَارُهُ فِيهِ كَإِقْرَارِ الْمَوْلَى وَلَوْ أَقَرَّ الْمَوْلَى كَانَ دَيْنُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمًا فَهَذَا مِثْلُهُ فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَأَمْثَالِهَا جَعَلَ الْمَأْذُونَ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمِلْكِ وَالْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ الْمَوْلَى الْمُوَكِّلِ حَتَّى اُعْتُبِرَ مَرَضُهُ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ صِحَّةَ الْعَبْدِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَحُجِرَ الْمَوْلَى الْأَوَّلُ لَا يَنْحَجِرُ الثَّانِي كَالْوَكِيلِ إذَا وَكَّلَ وَقَدْ كَانَ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ اعْمَلْ بِرَأْيِك لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْأَوَّلِ وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى صَارَ مَحْجُورَيْنِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ صَارَ مَعْزُولَيْنِ وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ لِلْمَأْذُونِ بِالْحَجْرِ لِصِحَّتِهِ كَمَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ وَلَوْ أَخْرَجَ الْمَأْذُونُ مِنْ مِلْكِهِ لَمْ تَبْقَ لِلْعَبْدِ وِلَايَةٌ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى غَرِيمِهِ وَقْتَ الْإِذْنِ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَزْلِ وَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ جُنَّ الْمَوْلَى جُنُونًا مُطْبِقًا أَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَقُتِلَ فِيهِ لَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ صَارَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا كَالْوَكِيلِ يَصِيرُ مَعْزُولًا فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَظَائِرِهَا جُعِلَ الْعَبْدُ كَالْوَكِيلِ فِي حَالِ بَقَاءِ الْإِذْنِ.

قَوْلُهُ (وَالرِّقُّ لَا يُؤَثِّرُ فِي عِصْمَةِ الدَّمِ) إلَى آخِرِهِ عِصْمَةُ الدَّمِ وَهِيَ حُرْمَةُ تَعَرُّضِهِ بِالْإِتْلَافِ حَقًّا لَهُ وَلِصَاحِبِ الشَّرْعِ عَلَى نَوْعَيْنِ عِنْدَنَا مُؤْثِمَةٌ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْإِثْمَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّعَرُّضِ لِلدَّمِ وَلَا تُوجِبُ الضَّمَانَ أَصْلًا وَمُقَوِّمَةٌ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْإِثْمَ وَالضَّمَانَ جَمِيعًا عَلَى تَقْدِيرِ التَّعَرُّضِ ثُمَّ إنْ كَانَ التَّعَرُّضُ عَمْدًا فَالضَّمَانُ هُوَ الْقِصَاصُ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَالدِّيَةُ وَالْإِثْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>