للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَزِمَهُ فِي صِحَّتِهِ وَتَقَوَّمَتْ الْجَوْدَةُ فِي حَقِّهِمْ لِتُهْمَةِ الْعُدُولِ عَنْ خِلَافِ الْجِنْسِ كَمَا تَقَوَّمَتْ فِي حَقِّ الصِّغَارِ وَحَجْرِ الْمَرِيضِ عَنْ الصِّلَةِ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ لِمَا قُلْنَا، وَلِذَلِكَ قُلْنَا إذَا أَدَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى مَالِيًّا كَانَ مِنْ الثُّلُثِ وَكَذَلِكَ إذَا وَصَّى بِذَلِكَ عِنْدَنَا

ــ

[كشف الأسرار]

لَا يَسْتَحِقُّ أَوْلَادَهَا وَإِذَا كَانَ كَالْإِيجَابِ مِنْ وَجْهٍ فَهُوَ إيجَابُ مَالٍ لَا يُقَابِلُهُ مَالٌ وَالْمَرِيضُ مَمْنُوعٌ عَنْ مِثْلِهِ مَعَ الْوَارِثِ أَصْلًا فَرَجَّحْنَا هَذَا الْجَانِبَ فِي حَقِّ الْوَارِثِ وَرَجَّحْنَا جَانِبَ الْإِقْرَارِ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ وَصَحَّحْنَاهُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْوَارِثِ لِأَنَّهُ لَمْ يُلَاقِ مَحَلًّا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ مَعَ أَنَّ النَّسَبَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ وَكَذَا لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى الْوُرَّاثِ مِنْهُ وَإِنْ لَزِمَ الْوَارِثَ الدَّيْنُ فِي حَالِ صِحَّةِ الْمُقِرِّ لِأَنَّ هَذَا إيصَاءٌ لَهُ بِمَالِيَّةِ الدَّيْنِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَإِنَّهَا تُسَلَّمُ لَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ وَارِثُهُ كَفِيلًا عَنْ أَجْنَبِيٍّ لِلْمَرِيضِ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ كَانَ أَجْنَبِيٌّ كَفِيلًا عَنْ وَارِثِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بَطَلَ إقْرَارُهُ بِاسْتِيفَائِهِ لِتَضَمُّنِهِ بَرَاءَةَ الْوَارِثِ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ عَنْ الْكَفَالَةِ.

وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَزِمَهُ فِي الصِّحَّةِ رَدٌّ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ كَانَ لَهُ عَلَى الْوَارِثِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمَّا عَامَلَهُ فِي الْحِصَّةِ فَقَدْ اسْتَحَقَّ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ عِنْدَ إقْرَارِهِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ بِمَرَضِهِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ دَيْنُهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَأَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهِ فِي مَرَضِهِ كَانَ صَحِيحًا فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ لَكِنَّا نَقُولُ إقْرَارُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ فِي الْحَاصِلِ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَيَجِبُ لِلْمَدْيُونِ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقَبْضِ مِثْلُ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَصِيرُ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ فَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَلَا يَصِحُّ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَاكَ لِحَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ عِنْدَ الْمَرَضِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّيْنِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ دُيُونِهِ مِنْهُ فَلَمْ يُصَادِفْ إقْرَارُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ مَحَلًّا تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِهِ، فَأَمَّا حَقُّ الْوَرَثَةِ بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّ الْوِرَاثَةَ خِلَافَةٌ وَالْمَنْعُ مِنْ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ إنَّمَا كَانَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِقْرَارُهُ بِالِاسْتِيفَاءِ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ يُصَادِفُ مَحَلًّا هُوَ مَشْغُولٌ بِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَمِثَالُ الْحَقِيقَةِ ظَاهِرٌ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ.

وَأَمَّا مِثَالُ الشُّبْهَةِ فَهُوَ مَا إذَا بَاعَ الْمَرِيضُ الْحِنْطَةَ الْجَيِّدَةَ بِالرَّدِيئَةِ أَوْ الْفِضَّةَ الْجَيِّدَةَ بِالرَّدِيئَةِ مِنْ وَارِثِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةُ الْوَصِيَّةِ بِالْجَوْدَةِ إذْ عُدُولُهُ عَنْ خِلَافِ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَرَضَهُ إيصَالُ مَنْفَعَةِ الْجَوْدَةِ إلَيْهِ فَإِنَّهَا لَا تَتَقَوَّمُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِالْجِنْسِ فَقُوِّمَتْ الْجَوْدَةُ فِي حَقِّهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِالْأَصْلِ وَالْوَصْفِ جَمِيعًا كَمَا تَقَوَّمَتْ فِي حَقِّ الصِّغَارِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ فَإِنَّ الْأَبَ أَوْ الْوَصِيَّ لَوْ بَاعَ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ تَتَقَوَّمُ الْجَوْدَةُ فِيهِ حَتَّى لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُ الْجَيِّدِ مِنْ مَالِهِ بِالرَّدِيءِ مِنْ جِنْسِهِ أَصْلًا كَذَا هَاهُنَا.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْجُودَةُ مُعْتَبَرَةً لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ بَلْ جَازَ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ قَوْلُهُ (وَحَجْرُ الْمَرِيضِ عَنْ الصِّلَةِ) نَحْوُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمُحَابَاةِ وَغَيْرِهَا إلَّا مِنْ الثُّلُثِ لِمَا قُلْنَا مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِمَالِهِ الْمُوجِبِ لِلْحَجْرِ وَمِنْ اسْتِخْلَاصِ الثُّلُثِ لَهُ بِطَرِيقِ النَّظَرِ وَلِذَلِكَ أَيْ وَلِكَوْنِهِ مَحْجُورًا عَنْ الصِّلَةِ فِيمَا وَرَاءِ الثُّلُثِ وَالْحَاصِلُ إنَّ مَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ إنْ أَدَّاهُ بِنَفْسِهِ فِي مَرَضِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ سَوَاءٌ وَجَبَتْ مَالًا مِنْ الِابْتِدَاءِ كَالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ أَوْ صَارَتْ مَالًا

<<  <  ج: ص:  >  >>