فصرت كأني قد أتيت ببدعة ... وفاحشة من نحو فَعْلَة ماعِز
فلو انَّ أرضي ذات مُعْز رجمنني ... ولكنها ليست بذات أماعِزِ
وكان سلس العبارة، رقيق الشعر، فصيحا، لم نر من انتقد عليه شيئا، سوى النزر القليل، الذي تعفى عليه جودة معانيه، وسلاسة ألفاظه، فقد انتقد عليه ابن محمد قوله:
انكار من ليس يدري اشدد به غَرَرا ... إذ هو من جرف الألحان فوق شفا
فإن همزة أشدد، همزة قطع، وهذا لا يقدح لأجل الضرورة، وانتقد عليه قوله أيضا:
لو خضت لجة قاموس وجدت به ... دراً جلا جَلو مصباح الدجا السُّدفا
فإن جلا، مصدره جلاء لا جلو، وهذا غير صواب. وانتقد عليهم بعضهم أيضا قوله:
ولم يسحر فؤادي قطُّ طرف ... سوى طرفين فيها ساحِرَين
لأن الطرف لا يثنى ولا يجمع، وهذه مسألة خلاف، والأصح إنه لا يثنى ولا يجمع، كما قيل، ونحن ننقل قول القاموس وشرحه تتميما للفائدة، قالا: الطرف: العين، لا يجمع، لأنه في الأصل مصدر، أو هو اسم جامع للبصر، قاله ابن عباد. وقال الزمخشري: لا يثنى، ولا يجمع، لأنه مصدر، ولو جمع لم يسمع في جمعه أطراف. وقال شيخنا عند قوله لا يجمع، قلت: ظاهره بل صريحه إنه لا يجوز جمعه، وليس كذلك، بل مرادهم إنه لا يجمع وجوبا، كما في حاشية البغدادي على شرح بانت سعاد، وبعد خروجه عن المصدرية، وصيرورته اسما من الاسماء، لا يعتبر فيه حكم المصدرية، ولا سيما ولم يقصد به الوصف، بل جعله اسما كما هو ظاهر، وقيل أطراف، ويرد ذلك قوله تعالى:(فيهنَّ قاصرات الطرف) ولم يقل الأطراف الخ. وإذا فتشت أشعار العرب، لا تكاد تجده مثنى، فقد قال جرير:
فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعباً بلغت ولا كلابا