وجلجل رعد ينهمي عند هزمه ... نجيع العدى لا ماء غرّ السحائب
وابن محمود قال في صفته:
بأجري فرانس فيها صواعق ... تُصمي الفتى قبل أن يسقطا
فإِن الأوَّل على سلاسة ألفاظه، ليس فيه كبير معنى. فإن غايته أنه شبه صوت الرصاص الخارج من السلاح بالرعد، وجعل سيلان الدم، أشد من سكب السحائب. وابن محمود، نسب السلاح لفرانس، وشبه صوت الرصاص الخارج بالصاعقة، وهي أبلغ من الرعد، وجعل المصاب بها يموت قبل وصوله إلى الأرض، والذي نزفه الدم، كثيرا ما يرقأ دمه، ثم يسلم بعد ذلك. وقالوا: إن الأحول قال لما هزم عدوّه هو وقومه:
لمَّا رأوا عابدَ الرحمنِ منقبضاً ... تحت العجاجة مثل الضيغم الضار
ولّوا فُرادى ومثنى مدبرين ولمْ ... يثنو من الرعب وجهاً بعد إدْبار
وابن محمود، قال لمَّا دارت رحى الحرب، وهزموا عدوّهم، بعد الأيام التي كانت عليهم:
سقوناً ذنوبا سقيناهموه ... بضعف وكنا لهم أضغطا
فإنه أنصفهم، حيث ذكر نكايتهم فيه أولا، ثم ذكر أنهم ضغطوهم وهزموهم، وقال في رائيته:
حتى إذا أثخنوهم محنقين وهم ... ما بين ملتزم أو واجب خار
ولوّا فُرَادى ومثنى مدبِرِينَ ولم ... يثنوا من الرعب وجهاً بعد إدبار
فإنه أنصفهم حيث قال: إنهم فروا بعد أن أثخنوهم، حال كونهم - أي العدو - محنقين، فليس من انهزم بعد أن لم يترك دفاعا، مثل من فرَّ أول وهلة، ولأن العلويين في اليومين الذين دارت عليهم رحى الحرب، تركوا في موضع المعركة