لأن آخر وقعة وقعت، هي فتنة تندوج، وقتل فيها هو نفسه، ولم يعقبها شيء فأنه قضى على نفسه فيها، ولأن الحرب في الأصل بين أولاد اخطير والعلويين، وكان أولاد اخطير، أخذوا ديات قومهم، على يد جموع كثيرة من الزوايا، فنقض أبناء اعمر أكداش ذلك، وغدروا با بني الخطاط العلويين، ثم انه هو من قبيلة كنيت (بكاف معقودة) وليس من إدا بلحسن، فهو الباغي، وهذا لا يخلو عن تحامل، فإن ذلك الأصل قد اندثر وصار نسياً منسياً، حتى ان فخذه في ذلك الوقت وبعده، من أفضل أبناء اعمر أكداش، وكذلك قوله:
وجدَّل حتى جاذبته عصائب ... من الطير غرثى تهتدي بعصائب
فإنه هو بقي جديلا وجاذبيته الطير، فسبحان من لا يعلم الغيب غيره، فإنه لو كان يدري أن عاقبة أمره كذلك، ما كان سره ما سره، من تجديل ذلك الشيخ، ولله در الشاعر حيث يقول:
فقل للشامتين بنا أفيقوا ... سيلقى الشامتون كما لقينا
وقال من يفضل ابن محمود، إن الأحول لما قال هذا البيت:
ما أبعد العار منا في الحروب وما ... أدنى سيادة محمود من العار
لو هجا أبناء اعمر أكداش غير ملوم، لأن شاعرهم أقذع على أبيه. ولما انطلق لسانه بالأيام المتوالية، كيوم ابلحتوش ويوم تندوج، رأى أن أخذ الثار بقتل الأبطال ونهب الأموال، أبلغ من أخذه بالهجاء، وأي عار على محمود، في أن هزم هو وقومه مرتين، وأخرجوا من بلاد غير بلادهم الأصلية وعشيرتهم. ثم هزموا أعداءه هزائم أبلغ من هزيمته في يوميه السابقين، ولم تزل الحرب سجالا من قديم الزمان. ومن ذا الذي يخطر في باله، أن يحارب قبيلة مثل إدابلحسن