فوافينا الحبيب وذاك أوفى ... وأوفرُ ما نؤمّلُ من خلاق
ودُرْنا بالقباب كما أردنا ... ودُرْنا بالنخيل وبالزقاق
ألا يا نعم طيْبَةُ والعوالي ... وحيطانُ الحدائق والسواق
هي الدارُ التي شرُفت وتاهت ... على شام المواطن والعراق
على من صاغ منصبه حُلاها ... وساق لها العلا كلّ المساق
صلاة الله ما لبَّي حجيجٌ ... وما حُمَّ اللقا عقب الفراق
ولما وصلا إلى مُرَّاكش، نزلا عند محمد الأمين بن أبي ستة، وكان من المقربين عند السلطان مولاي عبد الرحمن، فلم يوصل خبرهما من أوَّل الأمر إلى حضرة السلطان. فقال:
هل حامل أسنى السلام كله ... لحاملِ الملك وعبء كلِّهِ
ومتولي عقده وحله ... وواضعِ الأمر على محلِّهِ
من لا يجود زمن بشكله ... ولا يُرى عدلٌ عديل عدله
مأوى الغريب ومَحَطُّ رَحْلهِ ... وملتقى نُزُولهِ ونُزْلهِ
قضى له الله يجمع شمله ... ووطء من خالفه بنعله
ودام خفض العيش تحت ظله ... وعزَّ الإسلام وعزَّ أهلهِ
موجبه لا زال فوق سؤلهِ ... ما يرتجي سائله من بذله
أنَّا نرجى من جميل فعله ... ما نرتجي أمثالنا من مثله
ولما ابلغ ابن أبي ستة خبرهما إلى السلطان، أمر باحضارهما، فلما سلما عليه واستقصى خبر الجهة التي قدما منها، أنشده قصيدتيه الآتيتين. وكان السلطان رحمه الله، شديد الاهتمام بأقصى المسلمين من أهل مملكته، حتى إنه يعلم أهل الخير من كبار أهلها وأهل الشر. ولما أنشد القصيدتين استحسنهما السلطان. وأولاهما:
هل في بكا نازح الأوطان من باس ... أمْ هل لداءِ رهين الشوق من آسِ
أمْ هل مُعين يعين المستهامَ على ... ليل كواكبهُ شدَّت بأمراسِ