خوف من الله ودينهم يمنعهم عما يعتقدونه قبيحًا من ظلم الخلق. وفعل المحارم. لكن قد يعتقدون أن السياسة لا تتم إلا بما يفعله أولئك من الحرام. وربما اعتقدوا إنكار ذلك واجبًا كالخوارج.
والفريق الثالث الأمة الوسط. دين محمد - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه على عامة الناس وخاصتهم إلى يوم القيامة، وهو إنفاق المال في المنافع للناس. فإن كانوا رؤساء فبحسب الحاجة إلى صلاح الأحوال. وإقامة الدين والدنيا التي يحتاج إليها الدين. وعفته في نفسه، فلا يأخذ ما لا يستحقه فيجمعون بين التقوى والإحسان. ولا تتم السياسة الدينية إلا بهذه الطريقة.
وهذا هو الذي يطعم الناس ما يحتاجون إلى إطعامه. ولا يأكل هو إلا الحلال الطيب. ثم هذا يكفيه من الإنفاق أقل مما يحتاج إليه الأول، فإن الذي يأخذ لا لنفسه تطمع إليه النفوس ما لا تطمع في العفيف. ويصلح به الناس في دينهم ما لا يصلحون بالثاني. وأما من يأخذ لنفسه. ولا يعطي غيره. فهذا القسم الرابع شر الخلق. لا يصلح به دينه ولا دنياه. كما أن الصالحين أرباب السياسية الكاملة هم الذين يعطون ما يصلح الدين بعطائهم. ولا يأخذون إلا ما أبيح لهم. ويغضبون لربهم إذا انتهكت محارمه. ويعفون عن حقوقهم. وهذه أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بذله. وهي الأكمل.