"أن الغنى غنى النفس" والغناء بالمد الكفاية وفي لفظ بالقصر ضد الفقر. (رواه البخاري) وأول الحديث "أعطى قومًا ومنع آخرين" فكأنهم عتبوا عليه فقال ذلك.
قال الشيخ ويجوز بل يجب الإعطاء لتأليف من يحتاج إلى تأليفه وإن كان لا يحل له أخذ ذلك. كما في القرآن. وكما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة من الفيء. قال وإن كان ظاهره لعطاء الرؤساء وترك الضعفاء كما فعل الملوك. فالأعمال بالنيات. فإن كان المقصد بذلك مصلحة الدين وأهله كان جنس عطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه. وإن كان المقصود العلو في الأرض كان من جنس عطاء فرعون.
وذكر أن الغنيمة والخراج لمصالح المملكة. وبها يجتمع الجند على باب السلطان. فينفذ أحكام الشرع. ويحمي البيضة. ويمنع القوي من ظلم الضعيف. ويوصل كل ذي حق حقه. فلو فرقه غيره تفرقوا عنه. وزالت حشمته وهيبته. وطمع فيه. فجر ذلك إلى الفساد. وذكر أن الله علق الأمر بالإنفاق الذي هو السخاء والقتال الذي هو الشجاعة. وأن هذا مما اتفق عليه أهل الأرض.
وأن الناس افترقوا أربع فرق فريق غلب عليهم العلو في الأرض فصاروا نهابين وهابين. نظروا في عاجل دنياهم. وأهملوا آخرتهم. فعاقبتهم رديئة في الدنيا والآخرة. وفريق عندهم