لباد" ولمسلم عن جابر "لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض" ولهما عن أنس "نهينا أن يبيع حاضر لباد وإن كان أخاه لأبيه وأمه".
فدلت هذه الأحاديث على أنه لا يجوز للحاضر أن يبيع للبادي من غير فرق أن يكون البادي قريبًا له أو أجنبيًا. وسواء كان في زمن الغلاء أو لا. وسواء كان يحتاج إليه أهل البلد أم لا. وسواء باعه له على التدريج أو دفعة واحدة. والحكم منوط بالبادي. ومن في معناه. وإنما ذكر البادي لكونه الغالب. فألحق به من شاركه في عدم معرفة السعر من الحاضرين. وكما أنه لا يجوز أن يبيع الحاضر للبادي كذلك لا يجوز أن يشتري له. لأنه قوله لا يبع كلمة جامعة تطلق على الشراء. وفي رواية "أن تبيعوا أو تبتاعوا" يشهد لذلك قوله "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض" وإن خالف وباع صح مع الإثم. وهذا مذهب الجمهور الشافعي وأحمد وجماعة من المالكية وغيرهم.
(ولمسلم من حديث أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه
قال "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتلقى الجلب" مصدر بمعنى اسم
المفعول أي المجلوب. يقال جلب الشيء جاء به من بلد إلى بلد للتجارة. فإن تلقاه إنسان فابتاعه (فإذا أتى) صاحب
السلعة (سيده السوق) الذي تعرف فيه قيم السلع (فهو بالخيار) أي بين أن يمضي البيع أو يفسخ. ففيه أن ابتدأ التلقي من خارج السوق الذي تباع فيه السلع. ومن حديث ابن عمر