للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما لكم على الناس من الزيادة على رؤوس أموالكم بعد هذا الإنذار والإعذار {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين} بما شرع الله لكم من تحليل البيع وتحريم الربا وغير ذلك. لما بين تعالى أن من انتهى عن الربا (فله ما سلف) فقد كان يجوز أن يظن أنه لا فرق بين المقبوض منه وبين الباقي في ذمة الغريم فقال {اتَّقُواْ اللهَ} واتقاؤه ترك ما نهى عنه {وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} وبين به الفرق بين المقبوض وما لم يقبض، فالزيادة تحرم، وليس لهم أن يأخذوا إلا رؤوس أموالهم.

وإنما شدد في ذلك لأن من انتظر مدة طويلة في حلول الأجل، ثم حضر الوقت وظن نفسه على أن تلك الزيادة قد حصلت له، فيحتاج في منعه عنه إلى تشديد عظيم، فقال {اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} يعني إن كنتم قد قبضتم شيئًا فمعفو عنه وإن لم تقبضوه أولم تقبضوا بعضه فذلك الذي لم تقبضوه من الربا، كل كان أو بعضًا، فإنه محرم قبضه فذروه إن كنتم مؤمنين {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ} أي إذا لم تذروا ما بقي من الربا {فَأْذَنُواْ} أي فاعلموا أنتم واستيقنوا {بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن استمر على تعاطي الربا. قيل حرب الله النار وحرب رسوله السيف.

{وَإِن تُبْتُمْ} أي تركتم استحلال الربا ورجعتم عنه {فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} {لاَ تَظْلِمُونَ} بأخذ الزيادة {وَلاَ تُظْلَمُون} بوضع رؤوس الأموال. بل لكم ما بذلتم من غير

<<  <  ج: ص:  >  >>