ولأنه التزام حق في الذمة من غير معاوضة فصح في المجهول. ويصح ضمان السوق. وهو أن يضمن ما يلزم التاجر من دين وما يقبضه من عين مضمونة. كما قاله الشيخ وغيره. وقال يصح ضمان حارس ونحوه وتجار حرب بما يذهب من البلد أو البحر. وغايته ضمان مجهول وما لم يجب. وهو جائز عند أكثر أهل العلم اهـ. ولا تعتبر معرفة الضامن للمضمون عنه ولا له. بل إنما يعتبر رضا الضامن.
(وعن أبي أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الزعيم) أي الضمين (غارم) أي ملزم نفسه ما ضمنه فالغرم أداء شيء يلزمه. رواه أبو داود وغيره و (حسنه الترمذي) فدل على لزوم غرم ما ضمنه. وقيل له مطالبة من شاء منهما. قال ابن القيم وهو قول الجمهور. والقول الثاني: إن الضمان استيثاق بمنزلة الرهن فلا يطالبه إلا إذا تعذرت مطالبة المضمون عنه لأن الضامن فرع ولا يصار إليه إلا عند التعذر. ولم يوضع لتعدد الحق. وإنما وضع ليحفظ صاحب الحق حقه من الهلاك. ويرجع إليه عند تعذر الاستيفاء. ولم ينصب الضامن نفسه لأن يطالبه المضمون له مع وجود الأصيل ويسرته. والتمكن من مطالبته. والناس يستقبحون هذا. ويعدون فاعله متعديًا. ولا يعذرونه بالمطالبة إلا إذا تعذر عليه مطالبة الأصيل. وهذا أمر مستقر في فطر الناس ومعاملاتهم. وهذا القول في القوة كما ترى اهـ. ومتى برئت ذمة المضمون عنه برئت ذمة الضامن لا عكسه.