للآدمي. وحق الله لا مدخل للصلح فيه. كالحدود والصلاة والزكاة. وإنما الصلح بين العبد وربه في إقامتها لا في إهمالها. ولهذا لا يقبل في الحدود. وإذا بلغت السلطان فلعن الله الشافع والمشفع. وأما حقوق الآدميين فهي التي تقبل الصلح والإسقاط والمعاوضة عليها. والصلح ثابت بالكتاب والسنة والإجماع.
(قال تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}) أول الآية ({وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}) أمر تعالى بالإصلاح بين الفئتين الباغيتين بعضهم على بعض. حتى أمر بقتال الباغية {حَتَّى تَفِيءَ} أي ترجع {إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} أي إلى الحق {فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} بحملهما على الإنصاف والرضى بحكم الله. ثم قال {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ} فلا تعصوه {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون}.
وقال:{وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} وقال {وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} وقال: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} ثوابًا جزيلًا. وللترمذي وغيره وصححه "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قلنا بلى! قال "إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة" وقال لأبي أيوب "ألا أدلك على تجارة"؟ قال بلى. قال "تسعى في إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا" والأخبار في ذلك كثيرة.