وأما الرشد فهو أن يكون مصلحًا في دينه وماله. وهو أن لا يكون مبذرًا. أولا يحسن التصرف. وهذا مذهب جمهور العلماء. وحكي الاتفاق على أن الغلام إذا بلغ غير رشيد لم يسلم إليه ماله. وإذا طرأ عليه السفه بعد الرشد يحجر عليه عند الجمهور مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. وقالوا يبتدأ بالحجر عليه ولو بعد البلوغ والرشد. قال تعالى:{فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} قال الفقهاء وغيرهم إذا بلغ الغلام مصلحًا لدينه وماله إنفك الحجر عنه. فيسلم له ماله الذي تحت يد وليه. لكن بهذين الشرطين. بلوغ الحلم وإيناس الرشد.
ثم قال تعالى:{وَلاَ تَأْكُلُوهَا} معشر الأولياء، {إِسْرَافًا} بغير حق {وَبِدَارًا} أي مبادرة {أَن يَكْبَرُواْ} أي لا تبادروا كبرهم ورشدهم حذرًا أن يبلغوا فيلزمكم تسليمها إليهم. ثم قال تعالى:{وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} عنه ولا يأكل منه شيئًا. والعفة الامتناع عما لا يحل {وَمَن كَانَ فَقِيرًا} محتاجًا إلى مال اليتيم وهو يحفظه ويتعهده {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} ويأتي حديث عمرو بن شعيب أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم فقال "كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل" قال الشيخ وغيره لوصي اليتيم أقل الأمرين من أجرة مثله أو كفايته اهـ.
ولا يلزمه عوضه إذا أيسر. لأنه عوض عن عمله فهو فيه كالأجير والمضارب {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} بعد بلوغهم