بالآذان والإقامة كما أمرتم {اتَّخَذُوهَا} يعني اليهود والمنافقون {هُزُوًا} سخرية وهزأ واستهزأ سخر {وَلَعِبًا} ضحكة وباطلاً وذلك أنه إذا نادى منادي رسول الله – - صلى الله عليه وسلم - وقام المسلمون إلى الصلاة قالت اليهود قد قاموا لا قاموا وصلوا ويضحكون على طريق الاستهزاء فأنزل الله هذه الآية.
ويقال إن المنافقين كانوا إذا سمعوا النداء حسدوا المسلمين عليه، فقالوا لقد بدعت شيئًا لم يسمع بمثله من أين لك صياح كصياح العير، فأنزل الله {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ} وأنزل {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا} ذلك الفعل منهم {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُون} يعني أن هزوهم ولعبهم لمن أشغال السفهاء والجهال الذين لا عقل لهم. ويأتي قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ} ومن المعلوم بالضرورة أن المراد بالنداء هو الأذان المشروع للصلوات الخمس.
(وعن أنس أن رسول الله – - صلى الله عليه وسلم -) كان إذا غزا بنا قومًا لم يكن يغير بنا حتى يصبح و (ينظر) يعني قبل أن يغير على العدو (فإن سمع أذانًا) يعني لصلاة الصبح ويعم سائر الأوقات (كف عنهم) وقال البخاري: باب ما يحقن بالأذان من الدماء ففيه حقن الدماء عند وجود الأذان (وإن لم يسمع أذانًا أغار عليهم) قال فخرجنا إلى خيبر فانتهينا إليهم ليلاً فلما أصبح ولم يسمع أذانًا ركب يعني فأغار عليهم (رواه البخاري).