وقال:{حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} والسكران لا يعلم ما يقول، ومن كان كذلك فكيف يكون مكلفًا وهو غير فاهم، والفهم شرطًا التكليف، كما هو مقرر في الأصول، وأن الأحكام لا تختلف بين أن يكون ذهاب عقله بسبب من جهته أو من جهة غيره، وأجمعوا على أنه لا يقع الطلاق من مجنون ولا نائم لأنه غير فاهم ما يقول، وكذا السكران غير عاقل ولا فاهم ما يقول، وليس إسقاطًا منهم لحكم المعصية بل لعدم مناط التكليف، وحمزة رضي الله عنه لما ثمل، وقال: ما أنتم إلا عبيد لأبي لم يلزمه، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم تلك الكلمة، والمقصود أن السكران الذي لا يعقل لا حكم لطلاقه، لعدم المناط الذي تدور عليه الأحكام.
وقال الشيخ لا يقع طلاق السكران ولو بسكر محرم، وهو رواية عن أحمد، قال الزركشي ولا يخفى أن أدلة هذه الرواية أظهر، ونقل الميموني الرجوع عما سواها، وقال ابن القيم زائل العقل إما بجنون أو إغماء أو شرب دواء أو شرب مسكر لا يعتد به، واختلف المتأخرون فيه، والثابت عن الصحابة الذي لا يعلم فيه خلاف بينهم أنه لا يقع طلاقه اهـ. ويعتبر لوقوع الطلاق إرادة لفظه لمعناه، فلا طلاق لفقيه يكرره، وحاك ولو عن نفسه، وأما طلاق الهازل فقال الشيخ وغيره واقع، لأنه قصد التكلم بالطلاق، وإن لم يقصد إيقاعه وفي الحديث "ثلاث هزلهن جد" وعد منها الطلاق.