وروى سعيد بن منصور عن أنس أن عمر كان إذا أتي برجل طلق امرأته ثلاثًا أوجع ظهره ضربًا، ولا ريب أن طلاق الثلاث في مجلس واحد في وقته - صلى الله عليه وسلم - واحدة، وروى أنه قال لركانة:«قد علمت فراجعها» وهو مروي عن علي وابن مسعود وغيرهما.
وأصحاب ابن عباس وبعض أصحاب مالك وأبي حنيفة وأحمد، ولم تجمع الأمة على خلافه، وأفتى به الشيخ لما فشا التحليل وأيده بما هو معلوم عنه رحمه الله، وذهب الأئمة الأربعة وجمهور العلماء إلى أن الثلاث تقع ثلاثًا لإلزام عمر رضي الله عنه بذلك عقوبة، ومتابعة الصحابة له كما تقدم.
وقال ابن القيم لا ريب أن هذا سائغ للأمة أن يلزموا الناس ما ضيقوا به على أنفسهم ولم يقبلوا فيه رخصة الله عز وجل وتسهيله بل اختاروا الشدة والعسر، فكيف بأمير المؤمنين وكمال نظره للأمة، وتأديبه لهم ولكن العقوبة تختلف باختلاف الأزمنة والأشخاص والتمكن من العلم بتحريم الفعل المعاقب عليه وخفائه، وعمر رضي الله عنه لم يقل إن هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو رأي رآه مصلحة للأمة يكفهم به عن التسارع إلى إيقاع الثلاث، لما علم أن تلك الأناة والرخصة نعمة من الله على المطلق ورحمة به.
وأنه قابلها بضدها، حال بينه وبينها وألزمه ما استلزمه من الشدة والاستعجال، وهذا موافق لقواعد الشريعة، بل هو موافق لحكمة الله في خلقه قدرًا وشرعًا.