اللائِي وَلَدْنَهُمْ} أي لا تصير أمه بقوله أنت كأمي ونحو ذلك إنما أمه التي ولدته.
{وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ} أي المظاهرون من نسائهم {مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} أي كلامًا فاحشًا باطلاً لا يعرف في الشرع، بل كذبًا بحتًا وحرامًا محضًا منكرًا من القول في الإنشاء، وزورًا في الخبر أبطله الشارع وجعله منكرًا لأنه يقتضي تحريم ما لم يحرمه الله، وزورًا لأنه يقتضي أن تكون زوجته مثل أمه، وهذا باطل وذكر بعض أهل العلم أنه إذا قال لامرأته أنت علي حرام فهو ظهار.
قال ابن القيم: لما صح عن ابن عباس وابي قلابة وسعيد بن جبير وغيرهم، ومذهب أحمد وغيره، وذلك لأن الله تعالى جعل التشبيه بمن تحرم عليه ظهارًا، فالتصريح منه بالتحريم أولى، وذكر أقوالاً، وقال هذا أقيس الأقوال، ويؤيده أن الله لم يجعل للمكلف التحليل والتحريم بل ذلك إليه تعالى، وإنما جعل له مباشرة الأقوال والأفعال التي يترتب عليها التحليل والتحريم، فإذا قال أنت علي كظهر أمي أو أنت علي حرام فقد قال منكرًا من القول وزورًا، وكذب علي الله فإن الله لم يجعلها عليه كظهر أمه، ولا جعلها عليه حرامًا.
فقد أوجب بهذا القول المنكر والزور أغلظ الكفارتين وهي كفارة الظهار، وقال الموفق: أكثر الفقهاء على أن التحريم إذا لم ينوبه الظهار فليس بظهار، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي {وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ *} عفا عنهم وغفر لهم